في أسبوع واحد حُل المجلس التشريعي الفلسطيني، وحُل الكنيست الإسرائيلي. هذا التقارب في التوقيت يعكس تباعداً في الوسيلة والغاية والنهج والأسلوب والمسعى، وعلى سبيل المثال:
إن حل المجلس التشريعي تم بشكل غير قانوني، وبشكل تعسفي من سلطة غير شرعية.
بينما حل الكنيست الإسرائيلي تم بالتوافق بين الائتلاف الحكومي، وبالرضا التام من المعارضة.
حل التشريعي تم في ظل ادعاء محمود عباس بأنه منزه عن الأخطاء، واتهامه لكل الشعب الفلسطيني بخيانة التعاون الأمني، وعشق المقاومة!!
بينما حل الكنيست تم في ظل لائحة اتهام سوف توجه إلى نتنياهو بالرشوة والفساد، وفشله في محاربة المقاومة.
حل التشريعي قضى على مؤسسة فلسطينية منتخبة بشكل نزيه.
بينما حل الكنيست المنتخب جاء ليفتح الباب على المزيد من الديمقراطية وحرية الرأي.
حل التشريعي يعزز الانقسام، ويفصل بين غزة والضفة الغربية، ويقضي على الوحدة.
بينما حل الكنيست يهدف إلى الحيلولة دون انقسام المجتمع الإسرائيلي على نفسه.
حل التشريعي جاء في ظل عجز في الميزانية، وتزايد المديونية، والخنوع للجيش الإسرائيلي.
بينما حل الكنيست جاء في ظل تنامي الاقتصاد الإسرائيلي، وتزايد الدخل، ووصول الجيش الإسرائيلي إلى المستوى الثامن في القوة على مستوى العالم.
حل التشريعي جاء في ظل تغول مؤسسات السلطة على الشعب، حتى وصل فساد السلطة إلى نسبة 80% وفق آخر استطلاع للرأي.
بينما حل الكنيست جاء في ظل شفافية وعدالة مجتمعية وسيادة القانون، ومحاسبة أخلاقية.
حل التشريعي جاء في زمن تردى فيه التأييد لمحمود عباس حتى طالب 64% باستقالته.
بينما حل الكنيست جاء في زمن حافظ فيه نتنياهو على مكانته، ولما يزل يحظى بالأغلبية.
حل التشريعي لن يجلب للفلسطينيين ديمقراطية، وإنما سيجلب لهم مزيداً من التفرد والتسلط والعربدة على حياة المواطن
بينما حل الكنيست سيجلب للإسرائيليين مزيداً من الديمقراطية والشراكة السياسية.
حل التشريعي سيجلب للشعب الفلسطيني أياماً أكثر سواداً، وأكثر تمزقاً، وسيقدم شخصيات ووزراء أبعد ما يكونون عن الشعب ومصالحه الوطنية، أشخاصا يحتقرون المواطن، ويسجدون بين يدي الشخص والتنظيم، ولا قيمة لهم، ولا حضور ولا تأثير، أشخاصا سيتم انتقاؤهم وفق مستوى خضوعهم وخنوعهم وتذللهم للرئيس.
بينما حل الكنيست سيجلب لإسرائيل حكومة من صلب الشعب، وتنطق باسمه، وتخاف من صوته، وترتعب من الخطأ، وهي حكومة خادمة للمواطن، صغيرة أمام القانون، لا قيمة فيها للشخص إلا بمقدار صدقه وعطائه.
حل التشريعي لن يرتقي بحياة الفلسطينيين، ولا بحرية الرأي، ولن تعقبه انتخابات ديمقراطية نزيهة، وسيهوي بالواقع الفلسطيني إلى الدرك الأسفل من الفساد والرشوة والمحسوبية والمهانة والمذلة والكراهية للوطن.
بينما حل الكنيست سيرتقي بالديمقراطية في (إسرائيل)، وسيأخذ بيد الجميع إلى حلبة الصراع الانتخابي، لفرز من يراه المواطن ممثلاً له لفترة زمنية محدودة.
لكل ما سبق ذكره، لما تزل (إسرائيل) عزيزة قوية، بينما فلسطين ضعيفة مرخية، ولما يزل الجيش الإسرائيلي يجوس خلال ديار رام الله، بينما الأجهزة الأمنية تقع على عقبيها، ولا تحمي المواطن، ولما يزل صاحب العمل إسرائيليا، والعامل بين يديه فلسطينيا، ولما يزل المستوطن عزيزاً كريماً، في حين أن الفلسطيني ذليل مهان، لتتقدم (إسرائيل) في كل المجالات، وتتراجع فلسطين في كل المستويات، وهذا ما جاء في آخر استطلاع للرأي، حيث قال 75% من الفلسطينيين: كانت أحوالنا قبل اتفاقية أوسلو، زمن الاحتلالات الإسرائيلية، أفضل بكثير من أحوالنا في هذه الأيام الهزلية!!!