فلسطين أون لاين

هل يجوز الإنفاق من كفالة اليتيم على أخيه؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

لما لكافل اليتيم من عظيم فضل، فقد جعل عليه الصلاة والسلام ذلك سببًا ليكون مرافقه في الجنة، فقد قال عليه الصلاة والسلام في حديثه: "أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا"، كما وجعل سبحانه وتعالى الإنفاق على اليتيم من خصال التقوى والبر، لقوله تعالى: "وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ"، ولكن في بعض الأحيان، يسيء الوالي على مال اليتيم التصرف به، فهل يجوز أن ينفق من كفالة اليتيم على أخيه؟

د. زياد مقداد أستاذ مساعد بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية قال: "اليتيم هو من مات عنه أبوه وهو دون سن البلوغ، وإذا بلغ سقطت عنه صفة اليتم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يتم بعد احتلام".

وأوضح أن الشريعة الإسلامية اهتمت اهتمامًا كبيرًا في رعاية اليتيم والعناية به، بما يدلل على خطورة الفرد الذي فقد والده، وكفالة اليتيم تعد من الأخلاق المحمودة في الإسلام، ومن أفضل أبواب الخير، وتطهير وتزكية المال، وتحافظ على اليتيم من خطر الانحراف، والسير في طريق الباطل، مما يؤدي لإقامة مجتمع قوي مبني على الحب والرحمة.

وأشار د. مقداد إلى أنه وردت آيات كثيرة وأحاديث شريفة تبين مدى الاهتمام باليتيم، فالله سبحانه وتعالى، قال: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"، فقد عطف الإحسان على اليتامى، وربط الاهتمام بالوالدين وبر الأبناء بهم، بعطفه على اليتامى وإحسان أوليائهم إليهم.

وحذر من أكل مال اليتيم، فقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"، وقوله أيضًا: "وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ"، وهو خطاب موجه للأولياء، فلا يقرب ماله إلا بما فيه إصلاح، ونماء، ومن باب استثماره فله أجر عظيم.

ونبه د. مقداد إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم عد أن أكل مال اليتيم من السبع الموبقات، أي أنها من أعظم الجرائم، وذلك فيه هز عميق لضمائر من يتولى أمر مال اليتيم سواء كان أفرادًا أو مؤسسات.

وتابع حديثه: "لم يتوقف اهتمام الإسلام بمال اليتيم عند حفظه وعدم الإسراف به فقط، بل أوصى بما هو أبعد من ذلك، وهو استثمار المال وتنميته، فهي من الواجبات التي تقع على كاهل الولي والراعي للمال، فيستثمره في التجارة أو الصناعة، كما لو كان يتاجر في ماله، بأن يسعى بأن تكون تجارة رابحة وآمنة بعيدة عن الغش والربا والحرام".

"وفي حال شعر أن فيها خطرا وخسارة للمال فلا يقدم على تلك التجارة، ولكن إذا اجتهد ولي اليتيم في استثمار المال ولكنه خسر المشروع، فلا إثم عليه والخسارة تكون في مال اليتيم، فقال عمر بن الخطاب: "اتجروا بأموال اليتامى لا تأكلها الزكاة"، ومال اليتيم تجب فيه الزكاة، وإن الزكاة قد تأكله ما لم يستثمر"، وفق حديث د. مقداد.

وبين أن العلماء نصوا على أنه لا يجوز أن يعطى مال اليتيم دينًا أو إقراضًا إلا إذا ضمن استرداده، وفي حال عدم استثماره، وذلك خوفًا من ضياع المال.

وفيما يتعلق بالإنفاق من كفالة الأخ اليتيم على أخيه، فلفت د. مقداد إلى أنه إذا كان الأمر يتعلق بالاحتياجات الأساسية كالطعام والشراب والملبس فلا بأس، وفي حال كان لا يوجد مصدر دخل آخر لوالي أمر اليتيم، إلا مال أخيه، وعند بلوغ صاحب المال يتم إخباره.

وأكد د. مقداد أنه لا يجوز توزيع كفالة اليتيم على إخوته الباقين إذا كانت الكفالة مقتصرة على شخص واحد فقط.