فلسطين أون لاين

الاعتقالات بالضفة .. ضد حماس أم لإطفاء "غليان الجمر"؟

...
صورة أرشيفية
غزة- يحيى اليعقوبي

في الواقع لا تطال حملات الاعتقال التي تشنها أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية حركة حماس وحدها، وإنما تطال المقاومة بكافة أشكالها، وهي تهدف بالأساس إلى إخماد غليان الشعب الفلسطيني بالضفة ضد ممارسات الاحتلال وانتهاكاته المستمرة، مثل: هدم المنازل وقتل الفلسطينيين وسرقة الأراضي.

ورغم جرائم الاحتلال تصعّد أجهزة أمن السلطة من عمليات ملاحقة المقاومين، إذ يعتقد مختصون لصحيفة "فلسطين" أن ربط هذه الحملات بحركة حماس وناشطيها، لتجميل صورة السلطة وحركة فتح أمام قاعدتها، ومغازلة حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإعطائها مساحة للتحرك أكثر بالضفة منعاً لتوسع مشروع المقاومة فيها.

واتهم مصدر أمني كبير في سلطة رام الله، حركة حماس بالمسؤولية عن الأحداث الأخيرة ومحاولتها إشغال الضفة الغربية.

وقال المصدر لقناة "كان" العبرية الثلاثاء الماضي: "نريد هدوءًا ولا نريد مشاكل، علينا أن نوقف هذه السلسلة (عمليات المقاومة). حتى الآن نحن نسيطر على الوضع".

وكانت عدة تظاهرات خرجت الجمعة قبل الماضية، في مدن مختلفة من الضفة إثر دعوات شعبية "للتعبير عن الالتفاف حول مقاومة الاحتلال الإسرائيلي"، اعتدت عليها أجهزة أمن السلطة، في وقت تصاعدت حملات اعتقالات تشنها أجهزة أمن السلطة ضد العشرات المواطنين بالضفة الغربية.

ليست وليدة

يقول المختص في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم: إن "الجهد الذي تبذله أجهزة أمن السلطة بالضفة الغربية في خدمة الأمن الإسرائيلي ليس جديدا، وهذه الأعمال ليست جديدة، وليست وليدة الحاضر بل هي انعكاس لسنوات من الاعتقالات والاستدعاءات".

ويرى علقم في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن مبرّر السلطة بأن حملات الاعتقال تستهدف أبناء حماس بالضفة أمام قاعدتها يهدف لإظهار نفسها أن تستهدف شريحة معينة من المواطنين، بينما الحقيقة أن السلطة تستهدف كل من يتبنى العمل المقاوم بالضفة.

وأضاف: "لكن هذه الحملات تستهدف حماس بالدرجة الأولى كونها تمثل طليعة ورأس حربة المقاومة، حتى أصبحت السلطة تعتدي على النساء في حملات اعتقالها لتتجاوز الخط الأحمر".

ويرى أن حملات الاعتقالات هي لتجميل صورة التنسيق الأمني مع الاحتلال، "فالأمر لم يبقَ عند حدّ التنسيق بل تجاوزه للتعاون الأمني الوثيق بين الاحتلال والسلطة".

وأشار إلى أن قادة السلطة يوجّهون تصريحاتهم للجبهة الداخلية الإسرائيلية عبر وسائل الإعلام العبرية خلال الفترة الأخيرة، مفادها أنهم جاهزون للخدمة والعمل في منع تطور المقاومة بالضفة، لكن حكومة الاحتلال لا تعطيهم فرصة أوسع.

ويعتقد علقم أن الاحتلال والسلطة يخشيان من تكرار نماذج الشهداء أشرف نعالوة وصالح البرغوثي ومجد مطير، خاصة أن الهاجس العام لدى الشعب الفلسطيني هو نيل حقوقه وحلمه وثوابته، مما يفتح عيون جماهير غفيرة وقطاعات واسعة استلهمت التجارب وتحتذي بهذه النماذج، كما تخشى السلطة من تضخم المقاومة كما هو الحال في غزة.

وبين أن المستويات العسكرية الإسرائيلية دائما تحذر القيادة السياسية، بأن الضفة عبارة عن مرجل يغلي وجمر تحت الرماد وأن على حكومة الاحتلال الاستجابة لحاجات الشعب.

وأشار إلى أن هناك من السياسيين الإسرائيليين في المعارضة يوجهون أصابع اللوم للسلطة حول ذلك، فيما يطالب البعض برفع القيود عن السلطة وإعطائها مزيدًا من المساحة للتحرك وقمع المقاومة، حتى لا تنهض من جديد.

واستدرك علقم بالقول: "رغم ذلك أثبتت التجارب أن الحملات التي وجهت لحماس لم تستطع القضاء عليها رغم أنها اضعفت نشاطها".

تؤسس لحالة احتقان

فيما يقول المحلل السياسي عمر عساف: إن اعتقالات السلطة تهدف بشكل رئيس إلى وأد المقاومة وإنهاء وجودها في الضفة.

وأشار عساف في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن اعتداء عناصر أمن السلطة على النساء خلال تظاهرات داعمة للمقاومة، "يشكل أمرًا معيبًا في الحياة الداخلية الفلسطينية، ينعكس سلبا حتى على نفسية المواطن الفلسطيني".

ورأى أن اعتقالات السلطة في هذه المرحلة في ظل ما يقوم به الاحتلال من هدم منازل وقتل للفلسطينيين، يشكل أذى كبيرا للعملية النضالية بمواجهة الاحتلال.