يقول خبير قانوني ومحلل سياسي: إنه لم يتبقَ من "التنسيق الأمني" بين السلطة و(إسرائيل) إلا الجزء الذي يخدم الأخيرة في وقت ما زالت جرائمها تتصاعد بحق المواطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويؤكد الخبير القانوني نافذ المدهون، أن القوانين الفلسطينية لا يمكن أن تعطي شرعية لأي نوع من أنواع التنسيق مع الاحتلال، وهي تجرم التواصل معه تحت أي بند كان.
وأوضح المدهون في اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أن التنسيق الأمني نتاج لاتفاق ثنائي يتمثل بـ(أوسلو) سنة 1993، وأن بعض البنود نصت عليه.
لكنه عدَّ ما يجري الآن "تجاوزًا لما تم التوافق عليه، ومغالاة في التنسيق لأن الطرف الآخر لا يعطي معلومة للفلسطينيين، في المقابل السلطة تقدم ما لديها من معلومات للأجهزة الأمنية الإسرائيلية".
وأضاف المدهون _وهو أمين عام المجلس التشريعي_أن الاحتلال لا يطبق عمليًّا ما ورد في اتفاق أوسلو بشأن "التنسيق الأمني"، بينما تلتزم السلطة تمامًا بما فيها".
واستدرك أن "ما يجري حاليًا لم يعد تنسيقًا بمفهومه في (أوسلو)، وبات عبارة عن تزويد أجهزة أمن الاحتلال بمعلومات عن الفلسطيني من أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية".
وأكد الخبير القانوني أن "لا مشروعية قانونية لكل لهذه الأفعال، ولا ينسجم حتى واتفاق (أوسلو) المرفوض فلسطينيًا".
وأكد المدهون أيضًا أن القوانين الفلسطينية تعد التنسيق جريمة يحاسب عليها القانون، حتى وإن كان من يقوم بها يشغل منصبا رسميا، وألا يوجد عذر أن تتعاون أجهزة السلطة أمنيًا مع الاحتلال، وأن تضر المقاومة وتتسبب في قتل فلسطينيين.
ونبَّه إلى أن كل هذه "الجرائم يجب أن يحاسب عليها المسؤولون عن التنسيق الأمني مع (إسرائيل)".
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي عماد محسن، أن "الذي يصر على التنسيق الأمني هو الاحتلال الذي يرهن بقاء السلطة باستمراره"، مشيرًا إلى أنه لم يبقَ من التزامات (أوسلو) إلا التنسيق الأمني واتفاقية باريس الاقتصادية سيئة الصيت والسمعة".
وقال محسن في اتصال هاتفي مع "فلسطين": "في الوقت الذي ستتوقف فيه السلطة عن التنسيق الأمني سيجد الاحتلال أنه لم يعد هناك مبرر لوجودها من الأساس بعدما أسقط كل الاتفاقيات التي وقعها مع منظمة التحرير".
وأضاف: أن على قيادة السلطة في رام الله أن تستجيب وتنفذ فورًا قرارات المجلس المركزي لعام 2015، والقاضية بضرورة تحييد علاقة السلطة مع الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني فورًا لأن هذا التنسيق لم يعد فيه مصلحة للفلسطينيين، ولم يعد فيه التزامات أو منافع سياسية تتحقق من ورائه، وكل ما تبقى تعاون أمني مقابل بقاء السلطة قائمة على الأرض.
وذكر أن قيادة السلطة الحالية ومنذ أن وصلت سدة الحكم في الضفة الغربية "اتخذت قرارات غير شعبية، وتمارس سلوكيات مرفوضة، في وقت لم يعد متاحًا للشعب الفلسطيني أن يتوجه إلى صناديق الاقتراع من أجل أن يقول إنه يؤيد برنامجها أو يرفضه، ولمعرفة إن كان يؤيد استمرار شخصية في مكانها أم لا، أو يريد جهة معينة أخرى".
وعدّ محسن أن ما يجري "اختطاف مسميات ومؤسسات رسمية تمثل الفلسطينيين، وقيام بسلوكيات تعارض كليًا المزاج الشعبي الفلسطيني واتجاهات الرأي العام، لكن آن الأوان أن يتوقف كل هذا، وأن نعود للحاضنة الشعبية والرأي العام الفلسطيني بقرارات أكثر وطنية وجرأة من شأنها أن تعيد البوصلة إلى الوحدة الوطنية والشراكة السياسية، حتى نستطيع التصدي للمؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية".