فلسطين أون لاين

​(إسرائيل) الرابح الوحيد من وراء تطبيع بعض العرب

...
رام الله-غزة/ أحمد المصري:

شهد العام الجاري تطورًا غير مسبوق في إقامة العلاقات التطبيعية الرسمية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي، وعدد من الدول العربية، ولا سيما الخليجية منها، بعد أن كانت هذه العلاقات من الأمور المحظورة أو المحظور تداولها علنًا.

وبدا هذا التطور جليًا في الآونة الأخيرة، من خلال الزيارات السياسية والاقتصادية والرياضية المتبادلة، وتحت وقع عدسات الصحافة، كما كان الحال في الزيارة الأكثر شهرة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لسلطنة عُمان، التي عدتها أوساط عبرية انطلاقة نحو "الغزو" الكامل للتطبيع مع المنطقة بأسرها.

وتحدث "نتنياهو" أمس، في تصريحات صحفية بقوله "إن (إسرائيل) بدأت مسار تطبيع مع العالم العربي"، مشيرًا إلى أنّ هذا التقدم في مسار التطبيع يأتي دون أي تقدّم في المسار السياسي مع الفلسطينيين.

وأقر "نتنياهو" بأنّ الاتصالات مع الدول العربية تجري بمعزل عن القضيّة الفلسطينيّة والسلطة الفلسطينية.

وفي وقت سابق، عزز "نتنياهو" أحاديث التقارير الغربية والعبرية التي تحدثت عن علاقات "متينة" بين (تل أبيب) وعواصم عربية، إذ قال إنّ هناك تطورًا كبيرًا في العلاقات مع الدول العربية، ووصف العلاقة بـ"غير المسبوقة".

وأكدّ عضو حملة "BDS" لمقاطعة دولة الاحتلال، صلاح الخواجا، أنّ (إسرائيل) تحاول استغلال الظروف السياسية والاقتصادية في الدول العربية للدخول معها في عملية تطبيع "رخيصة الثمن"، وذلك على حساب الفلسطينيين.

وقال الخواجا لـ"فلسطين"، إن ما جرى من استطلاع أخير في دولة الاحتلال الذي أيد أغلبية المشاركين فيه أولوية دعم التطبيع الرسمي مع الدول العربية، يدعو إلى الانتباه جيدًا، بما يوحي لطريقة التفكير ونمطه داخل الدولة العبرية.

وذكر أنّ التطبيع العربي يتيح المجال أمام فتح أسواق إسرائيلية إضافية، وبما يضرب إنجازات نشطاء حركات المقاطعة في العالم، بعد نجاحها في اعتبار دولة الاحتلال دولة إجرام، ووسمها بالعنصرية ولا بد من مقاطعتها.

ورأى الخواجا أنّ التطبيع العربي يمثلُ فعليًا درجة قصوى من التنكر للقضية الفلسطينية، لافتا في السياق إلى أنّ التطبيع لا يمثلُ إقرارًا واعترافًا فقط بوجود الاحتلال على أرض فلسطين من خلال تبادل التمثيل الدبلوماسي وتبادل الزيارات، بل إنه يفتح الباب أمام تبادل العلاقات وكل المجالات الأخرى، ما يساعد دولة الاحتلال في تثبيت احتلالها، وتكريس مشروعها على حساب الفلسطينيين.

وإلى جانب ذلك، شدد الخواجا على أن التطبيع العربي بصورة أو أخرى يعمل على التغطية على جرائم الاحتلال التي لم تتوقف عجلتها ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته.

دفع قطار التطبيع

من ناحيته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، د.عبد الستار قاسم، أنّ دولة الاحتلال تشعر أن الفترة الحالية هي الأنسب أمامها لدفع قطار التطبيع مع الدول العربية للأمام، واستغلال ما ينتج عن هذه الحالة استغلالا سياسيا واقتصاديا أمثل.

وقال قاسم لـ"فلسطين": "إن التطبيع تراه الدول العربية مصلحة لها، ويشمل وفق ما هو معلن تعاونا في مجالات أمنية وسياسية وعسكرية، غير أن من نتائجه المؤكدة أيضا إضفاء مشروعية على وجود الاحتلال، وإنكار الحق الفلسطيني، في حين أنه من الممكن أن يضغط باتجاه تجريم المقاومة والنضال ضد الاحتلال".

وذكر قاسم أن الدول الغربية وحركات المقاطعة النشطة في دول العالم، والكثير من السياسيين باتوا يتحدثون أننا "لن نكون ملكيين أكثر من الملك"، الذي يقصدون به السلطة الفلسطينية والدول العربية المطبعة.

وأوضح أنه ورغم حالات التطبيع المستشرية بين بعض الدول العربية والاحتلال، فإن هذا الأمر مقتصر على مستويات الأنظمة الحاكمة، ولم يخترق أي مستوى شعبي، إذ إن الشعوب العربية ترفض رفضا قاطعا التعامل مع الاحتلال أو حتى قبوله، وهو ما يظهر جليا في رفض الرياضيين مقابلة أي إسرائيلي والتبارز معه.