جيبات عسكرية اكتست بـ"طلاء التمويه" تقل بين جنباتها عشرات من أفراد الجوقة العسكرية التابعة لكتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، اخترقت جموع المشاركين واعتلت منصة مهرجان انطلاقتها الحادية والثلاثين.
اصطفت تلك الجيبات وأخذ عناصر "الجوقة" ينتشرون فوق المنصة، في مشهد عسكري مهيب، وهم يرتدون لباسا عسكريا خاصا ارتسم على صدورهم علم فلسطين، وعلى أكتافهم صنوف الأسلحة الثقيلة.
هتافات وأهازيج صدحت من حناجر الجماهير المشاركة في المهرجان، حين بدأت فرقة "الجوقة" باستعراض فقرتها الفنية، وآخرون أخذوا يرشونهم بالورود والزهور، إلى أن رسمت مشهداً من الزهور امتزجت فيه ألوان الزهور مع البزّات العسكرية.
صنوف من الأسلحة المتطورة كانت حاضرة بين أيدي عناصر "الجوقة" وأخرى على أكتافهم والتي برز منها "الكورنيت الموجه، القناص"، ومُعدات عسكرية متطورة أخرى.
"إنا رميناكم بزخات الصواعق والغضب.. أياديكم سنقطعها إذا اقتربت"، بهذه الكلمات بدأت فرقة الجوقة العسكرية، تترنم بأنشودتها التي أطلقتها لأول مرة بمناسبة الذكرى الـ 31 لانطلاقة حماس، حين وقفوا كتفاً إلى كتف.
استمرت أناشيد الجوقة دقائق عدّة، مترافقة مع حركات عسكرية منتظمة أداها عناصرها، في مشهد أبهر جموع المشاركين في حفل الانطلاقة، وشدّ انتباههم، سيّما أنها اشتملت على أدوات ولباس عسكري جديد.
مشهد آخر تجلى فيه حُب الجماهير وانجذابهم لأداء "الجوقة" خلال المهرجان، حين انتهائها من العرض ونزولها عن منصة الحفل، إذ أخذوا ينثرون الورود على أفراد الفرقة، تعبيراً عن شدة إعجابهم بما قدمت.
فما يُميز فرقة الجوقة، أنها أسلوب جديد يجمع بين الحياة العسكرية المعروفة بقوتها وعنفوانها، والجمال والأدب والفن، وقد صدر عنها سلسلة من الأعمال وظهرت في عددٍ من الاحتفالات والمناسبات، لكن ظهورها الأبرز كان في ذكرى انطلاقة حماس الثلاثين عام 2017.
حضور فرقة الجوقة العسكرية في مهرجان الانطلاقة لم يكن عبثياً، بل حمل بين ثناياه رسائل موجهة لأطراف داخلية وخارجية، وكشف عن حجم إنجازات القسام والتطور التكنولوجي الذي وصل إليه في الوقت الراهن.
الباحث والكاتب في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، يقول إن كلمات الجوقة العسكرية التي تميزت بصراحتها ووضوحها حملت جُملة واسعة من الرسائل المحلية للحاضنة الشعبية ومحبي المقاومة وللاحتلال الإسرائيلي.
ويوضح أبو زبيدة لـ "فلسطين" أنها كانت تنتقل بمشاهد مهيبة من الحديث الخاص بردع الاحتلال وحديث السلاح والقوة إلى حديث الانسان؛ هي كلمات متسلسلة تترجم فلسفة حماس كحركة مقاومة وتحرر وطني.
رسائل قوّة
وعن دلالات الرسائل التي أرسلتها الجوقة العسكرية، كانت أولها للاحتلال الإسرائيلي حينما بدأت بقولها "إنّا رَمينَاكُم بزّخَاتِ الصَواعقِ والغَضبْ"، حيث أشارت بصراحة إلى أن أيدي الاحتلال ستقطع والمقاومة سترد عليه بشكل حاسم، ولن يكون مقبولاً أن يعود الاحتلال ليستبيح غزة.
وبيّن أن حضور السلاح مع الجوقة، يدلل أن القسام في تطور مستمر وأن المعارك السابقة لم تستنزف قوة المقاومة، إضافة إلى استعداده لأي حرب مقبلة مع الاحتلال الإسرائيلي.
والرسالة الثالثة والكلام لأبو زبيدة، أنها بعثت رسالة حب ووفاء للمجتمع الفلسطيني الذي احتضن المقاومة، وقدّم دماءه رخيصة فداءً للوطن.
ويتفق مع ذلك المختص في الشأن الأمني والعسكري محمد أبو هربيد، قائلاً: إن الرسالة الأولى كانت طمأنة للمجتمع طمطمويللمجتمع الفلسطيني، مفادها "أن هناك جيشا يدافع عن شعبه، وهو بمنزلة نواة تشكيل جيش كامل لتحرير فلسطين بإذن الله".
والرسالة الثانية والكلام لأبو هربيد كانت للاحتلال الإسرائيلي، بأن هذا الجيش يدافع عن فلسطين، "وأنتم تواجهون جيشا بأكمله وليس فصيلا مُعينا، وأن المقاومة الفلسطينية تتطور باستمرار".
أما الرسالة الثالثة، فهي للعالم أجمع، وتثبت أن الشعب الفلسطيني أصحاب حق وقضية عادلة، وبمقدوره تشكيل جيش، وهو مجتمع يبحث عن التحرر من أجل تحقيق العودة لأرضه المحتلة، وفق تقدير أبو هربيد.
وعن حضور أصناف السلاح المختلفة، يرى أبو هربيد، أنها ترسل إشارة قوية بأن المقاومة تمتلك سلاحاً متطوراً وما زال المزيد في جعبتها "فهي تمثل جيشا كاملا مُصغرا ظهر على المنصة"، مشيراً إلى أنها تضم نخبة من عناصر القسام.