فلسطين أون لاين

​مرجع للأحداث وأخذ العبر منها

المذكرات الشخصيّة.. تاريخ حافل بالانكسارات والانتصارات

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

المذكرات اليومية تعدّ مهمة يومية يقوم بها بعض الأشخاص، والبعض الآخر يلجأ للكتابة عندما يمر بأحداث مهمة لتوثيقها، وهي رصد وذكر للأحداث اليومية التي يمر بها الشخص، سواء بذكرها بالتفصيل الممل أو ذكرها ببعض من التّفصيل وذكر الأشخاص والزّمان والمكان. وتكون كتابة المذكرات بالأسلوب الشخصي للكاتب، لذا نجد اختلافات كثيرة في المذكرات المختلفة للأشخاص، وذلك لاختلاف شخصياتهم وطريقة كلامهم وحديثهم.

إنجاز وانكسار

الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة بينت أن المذكرات هي تدوين الانسان للأحداث والمواقف التي مرت في حياته، على اختلاف تلك اللحظات سواء كانت لحظات فرح تشاركها مع غيره، أو انجازات تضاف إلى رصيده، وسواء كانت أكاديمية أو مهنية.

وأوضحت السعايدة لـ"فلسطين" أنه على النقيض تمامًا يكتب عن لحظات انكسار عصفت به، مثل فقدان شخص عزيز، أو فشل دراسي، أو انفصال، أو أزمة اقتصادية، أو أزمة صحية ألمت به، فاستحقت تلك اللحظات التدوين لما تركته من أثر بالغ على نفسيته.

ولفتت إلى أن المذكرات الشخصية تعبر عن مدى الوعي الذاتي والنضج الفكري، الذي يتمتع به كاتبها، فلا تجد أي من العامة يرى ضرورة لأن يكتب تلك المواقف والأحداث، بل تجد أن هناك نخبة من المجتمع تحتفظ بمذكراتها الشخصية، مثل الأدباء، والإداريون الناجحون، وهذا يعتمد على مدى ثقة الإنسان بنفسه وتقديره لذاته، وأن خبرته في الحياة جديرة في الكتابة.

وعدت الاختصاصية النفسية أن تدوين المذكرات الشخصية من أهم وسائل التفريغ الانفعالي عن مكبوتات الذات، والذي قد لا يجد آذانًا صاغية ولا قلب يتسع لهمومه فيلجأ إلى التدوين، ويشكل عنصر الثقة عاملًا مهمًا، فيتساءل في قرارة نفسه هل من شخص جدير بالثقة لأبوح له بأسراري فيجد أن التدوين هو الحل الأمثل.

مرجع للأحداث

وأشارت إلى أن اعتقاد الفرد أن التدوين هو بمثابة مرجع للأحداث التي عاشها، إن المتأمل لمذكراته الشخصية يجد فيها ملاذًا حينما تعصف به أزمة، فيتذكر بتلك المذكرات الأزمات السابقة ويستشعر مدى تجاوزه لتلك الأزمات، وأن المحنة الحالية ستنقضي كسابقاتها نوع من أنواع المواساة، وحينما يقرأ الإنسان يقرأ مذكراته خاصة لحظات الفرح والنجاح يشعر بنشوة السعادة والانتصار.

وذكرت السعايدة أن بعض الاشخاص قد يحول تلك المذكرات الشخصية إلى سيرة ذاتية منشورة، وتكون دليل للقراء ومرجع للاستفادة من خبرتها، والمطلع على سير العظماء من مفكرين وأدباء وقادة، يجد أن كثير منهم يحتفظ بمذكراته الشخصية، والتي تحولت على مر الزمان، إلى مراجع يستفيد الإنسان منها في خبرته ويتلمس منها العزيمة التي تبثها في النفوس ويحاول أن يتحاشى الأخطاء التي وقع بها غيره، ومن أشهر الكتاب سيرتهم الذاتية الكاتبة الفلسطينية فدوى طوقان، ومن أشهر الساسة هيلاري كلينتون.

المرأة أم الرجل يميل إلى كتابة مذكراته، أجابت: "في العادة المرأة هي أكثر من يدون مذكراتها لأن بطبيعتها عاطفية، أما الرجل بطبعه كتوم".

وتابعت الاختصاصية النفسية: "وفق دراسة علمية 10% من أسرار المرأة لا تبوح بها بالمطلق لذلك نعتقد أن النساء تميل للكتابة وتدوين مذكراتها الشخصية كونها المنفس الأمثل للكتابة عما يجول في خاطرها وتخشى البوح به".

وأشارت إلى أن الأبناء فيما بعد يطلعون على سيرة أباءهم وأمهاتهم، وتشكل حلقة وصل بين الأجيال، أي أن الخلف يطلع على تاريخ السلف، وقد تظهر من تلك المذكرات خفايا بقيت لمدة من الزمن مجهولة، فتأتي تلك المذكرات لتكشف تلك الخبايا.

البيئة الأسرية

وذكرت السعايدة أنه لا يوجد عمر معين للكتابة عن المذكرات الشخصية، فذلك يرجع إلى مستوى إدراك الفرد لإمكانياته ومصادره المتعددة، وأن تاريخ حياته حافل بخبرات ينبغي توثيقها.

ولفتت إلى أن طبيعة البيئة الأسرية التي نشأ بها الفرد تلعب دورًا هامًا تشجيع الفرد أو تثبيطه حول الكتابة عن المذكرات الشخصية، فإذا نشأ في أسرة كاتبة ذلك يشجعه على الكتابة منذ نعومة أظفاره.

وأوضحت السعايدة أن الأمر السابق ليس قاعدة يتم تعميمها، فكم من كاتب من بيئات معدمة استطاع تجاوز تلك العقبات وكتب مذكراته الشخصية بطريقة جديرة بالقراءة والاهتمام، جماعة الأصدقاء والأقران والاطلاع على سير الناجحين فتشكل حافزًا للفرد للكتابة.