فلسطين أون لاين

​كيف تحارب الخرافات الطبيّة؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم أبو عاصي:

يتوارث الأجيال خرافات لا أساس لها من الصحة، وتنقل النصائح والخبرات الطبية والصحية بين الأجيال، ولكن ليس بالضرورة أن تكون جميع تلك النصائح والخبرات صحيحة، فمنها ما يستند إلى استنتاجات مغلوطة لخبرات سابقة، ومنها ما يخلط بين الحقيقة والخداع، إلا أن هناك ثمة خرافات طبية تعشش في أذهاننا، ونتعامل معها كحقائق ومعلومات علمية توالدت بسبب قصص أو حوادث أو إشاعات.

أثبتت الدراسات أن الخرافات الطبية هي مجرد أساطير الأولين وحكايات الأهل والأجداد، ورغم التطور العلمي والتكنولوجي إلا أنه ما تزال هناك فئة تؤمن بالخرافات الطبية التي ورثتها من السابقين.

"فلسطين" حاورت الأستاذ الدكتور في علم الجراثيم في الجامعة الإسلامية عبد الرؤوف المناعمة، لتعرف منه أكثر عن الخرافات الطبية الأكثر رواجًا، وكيف يمكن مواجهتها، والتفاصيل تتبع:

لماذا تنتشر الخرافات؟

وأشار المناعمة إلى أن الخرافة تعني الحديث المأخوذ من الكذب، والخرافة في المجتمع، هي اعتقاد قائم على التخيلات دون وجود أساس علمي أو منطقي، مبينًا أنه قد ترتبط الخرافات بعادات وتقاليد أو بفلكلور الشعوب، وتصبح إرثًا تاريخيًا تتناقله الأجيال بعد جيل.

وتابع: "المغالطات الطبية موجودة منذ زمن بعيد، وهي حاضرة في العقل الجمعي للمجتمعات التي تتوارثها جيلاً بعد جيل، وقد تختلف من مجتمع أو بيئة إلى أخرى".

ولفت إلى أن الخرافات أنواع قد تكون دينية أو اجتماعية أو حتى شخصية، وهناك نوع خطير منها وهو الخرافة الطبية التي تتعلق بالمرض والعلاج وإعطاء الوصفات، مشيرًا إلى أنها خطورتها تتفاوت وفداحتها على حسب نوعها وانتشارها وإيمان الناس بها.

وأوضح أن من أهم أسباب ظهور الخرافات وانتشارها هو الجهل، وعدم الوعي، وقلة المعرفة، وربما صعوبة الظروف الحياتية التي تجعل بعض الأشخاص يجد في هذه الخرافات حلًا لمشكلة ما بعيدًا عن تكلفة الوصفات والعلاجات الطبية.

وقال: "وقد يتعمد البعض نشر الخرافات طمعًا في المال والشهرة وامتلاكهم القدرة على خداع الناس وتضليلهم"، مرجعًا ذلك إلى غياب الرقابة الحكومية والطبية، أو ضعفها في تقديم الخدمات والإرشادات اللازمة للحد من انتشار مثل هذه الخرافات.

وكذلك ضعف –وفق قوله- الرعاية الصحية المحترفة وعدم كفايتها، فعندما لا يجد المريض الطبيب الذي يستطيع توفير العلاج له؛ فإنه قد يذهب إلى أطراف أخرى مثل المشعوذين، وانخفاض مستوى التعليم وارتفاع معدلات الأمية بين الناس، فعندما يوجد الجهل تظهر الخرافة، وبزواجهما تولد الأمراض.

وأكد أنه في وقتنا الحالي تساهم وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام (في بعض الأحيان) في نشر تلك الخرافات، والتي مع مرور الوقت تتحول إلى حقيقة ثابتة، يأخذ بها حتى بعض المثقفين إما عن جهل أو لمصلحة يحققونها من وراء ذلك.

محاربة الخرافات

وفيما يتعلق بالأمثلة عن الخرافات الطبية، بيّن أن هناك أمثلة كثيرة على الخرافات المنتشرة بين الناس، منها أن تسوس الأسنان ناتج عن حشرة السوس، وأن التعرض للبرد يؤدي إلى الإصابة بالزكام أو الأنفلونزا، وكذلك شرب الماء بكثرة يؤدي إلى تكوين الكرش.

ومن الخرافات الشائعة أيضًا إن المسهلات تؤدي لفقدان الوزن، وكذلك تناول السكر يؤدي الى الإصابة بمرض السكري، وأن السكر البني صحي ومفيد، والبيض والدهون الحيوانية تؤدي لزيادة الكوليسترول الضار.

ومن أكثر الخرافات شيوعًا، الفكرة القائلة أن فيتامين C يقضى على نزلات البرد، فهي أسطورة وخرافة مستمرة بعناد بحسب ما اوضحته الدراسات عند اجراء بعض التجارب على مجموعة من الاشخاص، وأثبتت دراسات لباحثون سويديون أن الرجال الذين يتناولون فيتامين ج كانوا أكثر عرضة للإصابة بحصوات الكلى مقارنة مع أقرانهم الذين حدث أنهم لم يتناولوا الفيتامينات.

وأوضح أنه تختلف شعبية الخرافات الطبية بين الفئات المختلفة من الناس، ففي الدول الأكثر فقرًا والأكثر جهلاً تشيع الخرافات الطبية كثيرًا، بينما في المجتمعات الغنية والمتعلمة تقل هذه الخرافات.

ولفت إلى أنه يترتب على انتشار الخرافات الطبية والتصديق بها نتائج سلبية، منها: عزوف الناس عن طلب المشورة الطبية من أهل الاختصاص والاكتفاء بالوصفات الرائجة والنصائح الشعبية التي في الغالب لا تفيد المريض.

وأشار إلى أن الأمر ليس على مستوى الأفراد أو التجمعات الصغيرة، بل يتعداه إلى تزوير الأبحاث والحقائق التي تهدف لتسويق منتج معين أو منافسة منتج آخر، وهو نوع يصعب كشفه لأنه مغلف بغلاف براق ألا وهو بالبحث العلمي.

وللحد من الخرافات، بين أن الحل الأمثل يكمن في نشر الوعي، والتثقيف الصحي، وتعريف الناس بمخاطر الانجرار وراء الخرافات التي قد تؤذي صحتهم وقد تتطور الأمور لتودي بحياتهم، وفرض رقابة حكومية على من يمارسون الطب الشعبي دون ترخيص أو مؤهلات.