فلسطين أون لاين

​حدد علاقاتك واضبط انفعالاتك

"الكتمان".. لحياة هانئة والتوقف عن إيذاء الآخرين

...
غزة - مريم الشوبكي

الإنسان بطبعه فضولي، يحب التعرف إلى أسرار حياة الآخر، وينجذب نحو سماع أحداث ومشاكل وقع بها الآخرون، وقليل منا يتسم بالكتمان ويفرض حظرًا على أي شخص يريد الخوض في حياته الشخصية، ولا يتفوه بأي كلمة عن حياته وأسراره وعلاقاته بغيره.

ويفضل أن تستعين بالكتمان لتأمن كثيرًا من العواقب الوخيمة للبوح، فلا تعبري عن سعادتك مع زوجك أمام سيدة لم تتزوج أو تعاني في حياتها الزوجية، لا تتحدث عن غناك أمام فقير، لا تتحدث عن أمر تنتظر قدومه قد لا يقع بسبب حسد أحدهم، فليس كل من حولك يتمنى لك الخير.

تربية وثقافة

الاختصاصي النفسي زهير ملاخة بيّن أن الجانب التربوي والثقافي يلعب دورًا في بناء الشخصية، وتكوين صفاتها وأطباعها، فاللبنة الأولى يتحملها التربويون وأولياء الأمور والمعلمون، ليشكلوا شخصيات الناس بطريقة صحيحة، ويغرسوا صفات تعينهم في المستقبل ليكونوا شخصيات قادرة على ضبط الذات وكتم الأسرار.

وأوضح ملاخة لـ"فلسطين" أن على الإنسان أن يطور ذاته ويميز بين الأمور من منظوره، ويحكّم عقله ويفكر مع نفسه للحظات وهذا يعينه على تعزيز نقاط القوة، ويتخلص من الصفات السلبية كالثرثرة، وحديث أسرار النفس للآخرين، والفضول، والحشرية.

ودعا إلى كسب مجموعة من الخبرات والمهارات الإيجابية، ليكون قادرًا على ضبط ذاته وتحديد علاقاته بالآخرين، والمحافظة على خصوصياته وعدم أذية نفسه، مع تحديد دائرته الاجتماعية وعلاقته بالآخرين.

ولفت الاختصاصي النفسي إلى أن التعود على الكتمان يكون بالاستفادة من تجارب الآخرين والنماذج الإيجابية، وكذلك بالتثقف والقراءة والتعلم بكيفية الكتمان، والخبرة والتعلم من أخطاء الآخرين، بالتدريب والتعلم واكتساب المهارات.

وأكد أن الجانب الديني له دور بجعل تعاليم الإسلام منهج حياة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "واستعينوا على قضاء حوائجكم بالسر والكتمان"، وأن يحفظ الإنسان ما بين لسانه باب من أبواب الجنة.

حسن الاختيار

وذكر ملاخة أن الإنسان كتلة من المشاعر بحاجة إلى تفريغ انفعالاته بطريقة معينة، فالبعض يلجأ للفضفضة وعليه إحسان اختيار الآخر، ناصحًا بجعل حول خصوصيته دائرة سوداء سيما إذا كانت لها علاقة بمشاعره تجاه الآخرين.

الفضفضة أشار إلى أنها تكون لشخص قريب كأخ، أو أب، أو صديق، أو زوج، مع الحذر من جعل حياته مشاعًا لعوام الناس، بل يجب أن تكون علاقاته بالآخرين عابرة لا يتبادل أسراره وخصوصياته، وعليه ألا يكون فضوليًا ويتدخل في شؤون الآخرين، حتى لا يترك مجالًا لهم للتدخل في حياته.

ودعا الاختصاصي النفسي إلى مراعاة مشاعر الآخرين عند التحدث عن الحياة التي يعيشها الشخص، ليتجنب أن يكنّ له أحد السوء والحسد والشر، وحتى ينأى بنفسه عن المشاكل.

وبين أن الإنسان يجب أن يتعامل مع نفسه بحالة من التقدير والاحترام، وبالتالي يبادل الآخرين المشاعر نفسها، فلا يتحدث عن أولاده أمام شخص عقيم، ولا تتحدث هي عن سعادتها مع زوجها أمام إنسانة محرومة أو تمر بأحوال زوجية صعبة.

وأكد ملاخة أنه يجب احترام مشاعر الآخرين حتى لا تجرح مشاعرهم دون قصد، لأن حوائج الناس مختلفة.

ولفت إلى أن الإنسان وصل لمرحلة نمو إدراك، وأصبح مسئولًا عن نفسه، ولا عذر له، وعليه ألا يحمل والديه أو غيرهما الأطباع السيئة في نفسه، لأنه وصل لمرحلة التمييز والإدراك والفهم السليم للأمور.

مخاطره

وأشار الاختصاصي النفسي إلى أن بعض الناس جهلاء بما يقومون به، وهو البوح بكل أمر في حياتهم فيسيئون لأنفسهم، وعلى الأشخاص الواعين توجيه النصيحة والإرشاد لهؤلاء.

وعن مخاطر عدم الكتمان، أوضح أن الثرثرة تفسد الصفاء الذهني والنفسي، وتشعر الشخص أنه مكشوف لغيره، ويصاب بالتشتت وعدم السلامة النفسية والذهنية، وعلاقاته بالآخر يشوبها التوتر والإرباك نظرًا لمعرفة كل شيء عنه، ويمكن أن يتعرض للاستهزاء والمعايرة.

ولفت ملاخة إلى أن البعض يمكن أن يستغل نقاط الضعف، ويمكن ببوحه إيذاء مشاعر الآخرين سيما إذا كانت تلامس أوجاعهم، وسيسمح للآخرين بالتدخل بحياته وإفسادها وتخريب علاقاته بهم، بالإضافة إلى نشر جو من البغضاء والحقد، كما يسبب نشر الجريمة والاعتداء على الناس.

والبعض لا يستطيع ضبط نفسه ومشاعره، فنصحهم أن يحاولوا ضبط أنفسهم أمام الدوائر التي تثير غضبهم وانفعالاتهم وتكشف خصوصياتهم، وعليهم الاحتكاك بدوائر أكثر راحة وإيجابية، والبعد عن الأشخاص الفضوليين، وجعل علاقاتهم محدودة، والقضاء على وقت الفراغ.