حين هزم الجيش الإسرائيلي أمام المقاومة اللبنانية سنة 2000، وانسحب خائبًا مع قوات أنطوان لحد، قال أعداء المقاومة: يا ويل لبنان من كيد (إسرائيل)، لم ينسحب الجيش الإسرائيلي خوفًا ولا ضعفًا، وإنما انسحب خبثًا ومكرًا، ولأهداف خفية، لا يعلمها إلا قادة الكيان، الذين يهدفون إلى إشعال حرب طائفية، وتدمير ما ظل من لبنان.
وحين تحرك الشعب الفلسطيني، وأجبر قوات الصهاينة على الاندحار من غزة، وخرج شارون مهزومًا سنة 2005، قال أعداء المقاومة: هذه خطة إسرائيلية خبيثة، (إسرائيل) لا تهزم أبدًا، وجيشها المغوار قادر على سحق غزة ومن فيها، إن الانسحاب من غزة لا يعني انتصار المقاومة، وإنما هنالك مؤامرة خلف هذا الانسحاب الكاذب.
وحين صمدت المقاومة اللبنانية ثلاثة وثلاثين يومًا أمام آلة الحرب الصهيونية، وعجز الجيش الذي لا يقهر عن قهر قرية صغيرة في الجنوب اللبناني، وعجز عن صد الصواريخ التي قصفت ما بعد حيفا، قال أعداء المقاومة: لا نصدق ما نسمع، لقد دمر الجيش الإسرائيلي ضاحية بيروت، ولقن المقاومة درس الخنوع والأدب الذي تريده (إسرائيل).
وحين أسرت المقاومة الفلسطينية جنديًا إسرائيليًا اسمه جلعاد شاليط، تشكك أعداء المقاومة بذلك، وقال بعضهم: هذا الجندي الإسرائيلي أغلى جندي في العالم، كلفنا عشرات الشهداء ومئات الجرحى، وحصار غزة، التي أجبرت الصهاينة على تنفيذ صفقة تبادل أسرى مشرفة لفلسطين.
وحين صمدت المقاومة الفلسطينية سنة 2008، وظلت تقصف المستوطنات الإسرائيلية حتى آخر يوم من حرب امتدت لعشرين يومًا، لم يصدق أعداء المقاومة ما شاهدوه بأعينهم، وظلوا يقولون: لو أراد الجيش الإسرائيلي احتلال غزة لفعل، ولكن الإسرائيليين لا يرغبون بإسقاط حكم حركة حماس، لذلك اكتفوا بتأديب المقاومة، وهم القادرون على سحقها.
وحين وصلت صواريخ المقاومة إلى تل أبيب في حرب 2012، لم يصدق أعداء المقاومة ذلك، وظلوا يقارنون بين عدد الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة ونتائج الحرب، في تشكيك يهدف إلى تفريغ المقاومة من مضمونها.
وحين أبدعت المقاومة الفلسطينية وسائل الاقتحام والسيطرة الميدانية في أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة سنة 2014، وواصلت صمودها لأكثر من خمسين يومًا، في وجه جيش الصهاينة، ظل أعداء المقاومة يكابرون، ويرفضون الاعتراف بفشل مشروع التعاون الأمني.
اليوم، وبعد عشرات المعارك، والمواجهات، والتضحيات والبطولات، ورغم اعتراف قادة الكيان الصهيوني بالواقع الفلسطيني المقاوم الجديد، وبعد استقالة وزير الحرب فاشلًا مهزومًا، وبعد ارتعاب نتنياهو من أي مواجهة مع غزة أو لبنان، يرفض أعداء المقاومة أن يعترفوا بهذه الحقائق، فيصرخون ويصرحون بأنهم لا يحبون الصواريخ ولا يعشقون المقاومة.
فجاء الرد في اليوم نفسه من شباب الضفة الغربية، وهم يعزفون على صوت الرشاش في ذكرى انتفاضة الحجارة، وفي ذكرى ميلاد حركة حماس، جاء صوت الضفة الغربية ليقول: نحن على طريق غزة ولبنان سائرون، نحن جزء من التاريخ الفلسطيني العنيد، لا للتعاون الأمني، لا لشق الصف، والتذلل للأعداء، ولا مناص من المواجهة والتضحية، وتوزيع سلال الرعب على بوابات المستوطنات الصهيونية في عيدهم الزائف، ليعرفوا أن شعب فلسطين مقاومة.