فلسطين أون لاين

​تحليل:هبّات المقاومة توظيف لمخزون المقاومة الاستراتيجي

...
مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال (الأناضول)
رام الله / محمد القيق - خضر عبد العال

تسجل الضفة الغربية المحتلة تطورات ميدانية متسارعة على صعيد عمليات المقاومة، فبات حصاد كل شهر يضم ثلاث عمليات أو أربعًا، بين طعن وإطلاق نار ودهس، ويعلن الاحتلال الإسرائيلي في الوقت ذاته عن إحباط عشرات العمليات والخلايا، ما يعني اهتزاز "منظومة الأمن" الإسرائيلي على وقع إصرار الفلسطينيين على توظيف مخزون المقاومة الإستراتيجي.

ويرى مراقبون أن ما يجري في الساحة الآن مفاجئ للأطر الأمنية والسياسية الإسرائيلية التي اعتقدت سيطرتها على الضفة الغربية المحتلة عبر التنسيق الأمني من جهة، والتكنولوجيا والمتابعة الإلكترونية من جهة ثانية، وكذلك القبضة العسكرية، لتنسف تحركات المقاومة الفردية تلك النظرية التي وظَّفت لأجلها أموالا طائلة.

ويرى المحلل السياسي ساري عرابي، أن المواجهات الانتفاضية التي تشهدها الضفة منذ هبة الطفل محمد أبو خضير أواسط عام 2014، وتزامنًا مع العدوان الإسرائيلي على غزة "تدلل على وجود تغيرات كامنة داخل المجتمع الفلسطيني".

ويقول عرابي لـ"فلسطين": "تعبر تلك الحالة عن رفض الشعب الفلسطيني مشاريعَ التسوية وأي محاولات لخلق جيل فلسطيني جديد ينسى ما مر به من مآسٍ أو ينسى واقع احتلاله وما ينفذه الاحتلال من إجراءات تهويد يومية على الأرض".

ويشير إلى أن العمل المقاوم الحالي في الضفة الغربية المحتلة "أفضل شكلاً ومضموناً من عمله بين عامي (1995-2000)، مقارنة بالظروف التي يعانيها الفلسطينيون وشح الإمكانات وظروف فصائل المقاومة الصعبة جدًا هناك".

ويوضح أن تلك العمليات تدل على فشل عمليات إخضاع المجتمع الفلسطيني، سواء تلك التي تمارسها السلطة الفلسطينية، أو ما يسميه الاحتلال "السلام الاقتصادي".

ويلفت عرابي إلى أن حالات المقاومة في الضفة أخذت أشكالا عدة، منها التنظيمية مثل عمليات الشهداء أحمد نصر جرار ومحمد الفقيه؛ ومنها الفردية مثل ما قام به المطارد أشرف نعالوة وعدد من الشهداء والأسرى، وهو ما يخشى الاحتلال أن يتأرجح بين التنظيمي والفردي.

ويعتقد عرابي أن تزامن عمليات المقاومة مع ذكرى الانتفاضة الأولى تعطي دلالة على الحل الذي يلتف حوله الفلسطينيون بالتأكيد، مؤكدا امتلاكهم مخزونًا كبيرًا لأشكال المقاومة كافة سواء خارج فلسطين أو داخلها، مضيفًا: "كما أن فشل مشروع التسوية فشلًا حتميًّا زاد من توجه الفلسطينيين نحو مخزونهم الكفاحي والنضالي، وهم يعيشون هذه الحالة منذ عشرات السنوات اشتدت في الأربع الأخيرة".

هدوء خادع

من جهته، يرى مدير مركز القدس للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية عماد عواد، أن الاحتلال كان دقيقاً، وتحديداً (الشاباك) عندما أشار إلى أن الهدوء في الضفة الغربية "خادع"، وأن المنطقة صفيح ساخن قد تشهد مزيدًا من العمليات أكثر تأثيرًا على الاحتلال.

ويقول عواد لـ"فلسطين": "تعد العملية طبيعة جدًا بالنظر إلى سياسة الاستيطان التهويدي، والاعتداء على المقدسات الإسلامية، ومصادرة الأراضي، وهدم البيوت الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي إجراءات تعزز الغليان الفلسطيني الذي يترجم إلى عمليات من هذا النوع".

وأضاف: "تشكل العملية مصدر قلق للمنظومة الأمنية والسياسية وللجمهور الإسرائيلي، رغم تصريحات (الشاباك) أن باستطاعته تحييد غالبية العمليات".

وفي شأن معدل تلك العمليات شهريًا، يقول عواد: "يوقن الاحتلال أن مثل هذه العمليات تشكل خطورة أكبر من الانتفاضة المستمرة، لأن الجمهور الإسرائيلي بمجرد أن يعتاد على الهدوء يتفاجأ بمثل هذه العمليات التي تعيد الرعب والذعر فيهم".

بدوره يشير الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي إلى أن العمليات الفردية تؤكد أن الاحتلال ليس سيدًا على الأرض الفلسطينية، بخلاف اعتقاده بإمكانية عمل السلطة على ضبط الشعب الفلسطيني دون أي ارتدادات تمس أمنه، مشيرًا إلى أن الاحتلال يعتمد في ضبط أمنه على التنسيق الأمني بوصف السلطة "خدماتية أمنية فقط" وفقًا لاتفاقية أوسلو 1993.

وأكد أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بهذا الوضع، فالذي قاوم على مر تاريخ الاحتلال البريطاني وما يزال يقاوم الاحتلال الإسرائيلي وقاد ثورات ضده، سيبقى يقاوم حتى يعترف الاحتلال بحقوقه، مشيراً إلى أن الشعب يقاوم لنيل حريته، واصفًا العملية بأنها "استمرار لروح المقاومة التي بدأت منذ النكبة".

ومضى يقول: "إذا اعتقد الاحتلال أنه يستطيع وقف مقاومة الشعب الفلسطيني فهو واهم، فالشعب الفلسطيني أسوة بكل شعوب العالم، واقع تحت الاحتلال ومن واجبه المقاومة والتحرر"، مشيرًا إلى أنه ليس أمام الاحتلال سوى التخلي عن كبريائه، والإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني.

وأصيب مساء أول أمس، ستة مستوطنين عقب تعرضهم لإطلاق نار صوب موقف يستخدمه المستوطنون قرب مستوطنة "عوفرا" شمالي رام الله.