فلسطين أون لاين

التهديد بحل "التشريعي".. تجاوز للقانون وتعطيل للسلطات

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

"التفرد والاستبداد" هما سياسة رئيس السلطة محمود عباس في محاولته إحكام السيطرة المُطلقة على السلطات الثلاث، وتطويعها وفق قياسات أجندته الشخصية، وبما يخدم مصلحة فريقه.

وفي خطوة غير مسبوقة، هدد عباس بحل المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب منذ عام 2006، وذلك وفق رؤية لطالما رددها: "إما أن نتحمل كل شيء في غزة أو لتتحمل حركة حماس ذلك".

وقال عباس خلال مؤتمر نظمته وزارة الاقتصاد حول الحوكمة ومكافحة الفساد: "سنحل المجلس بالطريقة القانونية قريبا، وهذا الكلام أول مرة بحكيه قدامكم".

ويطرح التهديد تساؤلاً حول مدى قانونية خطوة عباس التي يجهز لها، عوضًا عن المخاطر التي قد تعقب ذلك حال تنفيذ القرار عمليًّا.

لا يجوز

الخبير في القانون الدولي د. عبد الكريم شبير قال: "لا يجوز لعباس حل التشريعي من الناحية الدستورية والقانونية وفق القانون الأساسي الفلسطيني."

وعدّ شبير في حديث لصحيفة "فلسطين" حل التشريعي "إلغاء كاملا للسلطة"، موضحاً أن إلغاء السلطة التشريعية يُفقد النظام السياسي الفلسطيني مشروعية الرقابة المالية والإدارية على الميزانية العامة الصادرة عن الحكومة".

وأشار كذلك إلى أن توجه عباس يفقد السلطة التشريعية إصدار أي من القوانين والرقابة القضائية على تطبيق القوانين في القضاء الفلسطيني.

وحذر من العواقب الوخيمة حال جرى حل التشريعي، التي ستلحق ضرراً بباقي السلطات الدستورية الأخرى، مشيراً إلى أن السلطة التنفيذية ستفقد دستوريتها وشرعيتها.

وأما عن القضاء فسيعمل في حال حل التشريعي منفرداً منعزلاً عن السلطات الأخرى، دون وجود أي رقابة على آليات تنفيذ القوانين التي يعمل في ضوئها القضاء الفلسطيني، وفق شبير.

وقال: "أي مخالفة دستورية للقانون الأساسي، جريمة تُشكّل جناية لا تسقط بالتقادم، ومن حق أبناء الشعب الفلسطيني محاكمة من انتهك القانون".

وبيّن أن عباس مكلف دستوريًّا الآن بإصدار مرسوم رئاسي بإجراء الانتخابات، في ظل المخاطر الكبيرة التي تهدد المشروع الوطني الفلسطيني في ظل التهديدات الأمريكية وتهويد القضية.

تغول للسلطة التنفيذية

ويتفق مع ذلك الباحث في الشؤون القانونية أحمد أبو زهري، الذي عد تصريحات عباس حول نيته حل التشريعي "تجاوزاً صريحاً للقانون الأساسي الفلسطيني المُعدل عام 2003 و2005".

ورأى أبو زهري في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن حل التشريعي يمثل تغولا للسلطة التنفيذية على حساب التشريعية، وانتهاكاً واضحاً لمكانة المؤسسات القانونية والتشريعية في فلسطين، وتعدياً لحدود سلطاته.

وقال: "ليست هناك صلاحيات لعباس تسمح له باتخاذ مثل هذه الخطوة، بل إن المُشرع حينما أعطى مساحة أوسع للرئيس في حالات الطوارئ والظروف الاستثنائية التي جاءت بحدود المادتين (43) و(110) لم يمنح له هذه الصلاحية".

وأوضح أبو زهري أن القانون حرص على استقلال السلطة التشريعية وضمان عدم المساس بها، مشيراً إلى أن الحكمة والغرض القانوني من إعطائه صلاحيات وقت الطوارئ، كان بهدف تمكين السلطة التنفيذية من درء الخطر المحدق بالدولة دون شمولها حل التشريعي.

وأضاف: "ليس هناك نص واضح يخول عباس لهذه الصلاحيات، لذلك كان لزاماً على الرئيس مراعاة حدود صلاحياته الواردة في القانون الأساسي الفلسطيني دون أي تعديل من شأنه الإضرار بالسلطات الأخرى".

ورأى أبو زهري، أن تهديد عباس بحل التشريعي يصطدم بجدار الشرعية الدستورية ومخالفة خارجة عن إطار الشرعية ومستوجبة للإلغاء وعدم النفاذ، لأنها خالفت أيضاً المادة (38) والمادة (113) من القانون الأساسي الفلسطيني.

وتنص المادة (38) في القانون الأساسي على أن رئيس السلطة يمارس سلطاته ومهامه التنفيذية على الوجه المبين في هذا القانون، في حين تقر المادة (113) بعدم جواز حل المجلس التشريعي الفلسطيني أو تعطيله خلال مدة حالة الطوارئ أو تعليق أحكام هذا الباب.