حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال مثل حقه في الحياة والتنفس والطعام والشراب، ودون ذلك فالشعب الفلسطيني كومة من اللحم البشري المكدس في حظيرة، يقدم له المانحون العلف، ويجرفون من تحته السماد السياسي، ويأخذون حليبه لتنمية الاحتلال الإسرائيلي، هذه حقيقة يدركها من قدم بعض عمره، ومارس لذة المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ولا ينكرها من حفظ عمره، ومارس لذة التمتع بما حققه المقاومون من تثبيت للحق الفلسطيني.
إن وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب يعني الاعتراف بشرعية الاحتلال للضفة الغربية وغزة والقدس، وشطب جميع قرارات الأمم المتحدة بهذا الخصوص، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل، وتوظف في سبيل تحقيقه أداتها الدولية أمريكا، ولا غرابة في ذلك، فأمريكا وإسرائيل هما عدوتان تقليديتان للقضايا العربية عموما، ولقضية فلسطين خصوصا، والاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال هو المثال الأقرب للعدوان الأمريكي الذي استخف بالعرب، فنقل سفارته إلى قدسهم دون وجل.
لقد بالغت أمريكا في عدوانها على الشخصية العربية حين تجرأ جيسي غرينبلات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، وطالب تسع دول عربية بالتصويت على قرار إدانة حركة حماس، ووصفها بالإرهاب، هذه ليست وقاحة سياسية، هذه حقائق ميدانية يبدو أن أمريكا مهدت لها الطريق، بعد نجاحها في لملمة شمل 28 دولة في الاتحاد الأوروبي إلى جانب القرار.
إن قرار وصف حركة حماس والجهاد الإسلامي بالإرهاب لا يعني إلا وصف كل أشكال المقاومة للاحتلال الإسرائيلي بالإرهاب، بما في ذلك المقاومة السلمية، وهذ ما يحتم على السلطة الفلسطينية أن تقف بقوة ضد قانون تشريع الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة، فحز سكين القرار الأمريكي على رقبة حركتي حماس والجهاد، ستكون نتائجه قطع رأس القضية الفلسطينية، ودفن الجثة تحت أنقاض المسجد الأقصى، لذلك فإن طرح المشروع للتصويت إدانة فاضحة لكل الدول العربية التي وصفت حركتي حماس والجهاد الإسلامي بالإرهاب..
إن وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب فيه تحقير لعذابات ونضالات الشعب الفلسطيني، وعليه، فإن الواجب الوطني يقضي بأن تكون رام الله هي نقطة انطلاق المواجهة لمشروع القرار الأمريكي، وذلك من خلال الموقف المعلن، والمؤيد لكل أشكال المقاومة للاحتلال، بعد ذلك تصير المطالبة بموقف عربي داعم لفلسطين ورافض للاحتلال، ولا بأس أن تتصدر الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة هذا الحراك، وأن يشارك جماهير الضفة الغربية إخوانهم جماهير غزة في مسيرات الرفض لمشروع القرار الأمريكي.
وحتى لا يصير الاحتلال شرعياً، وتصير مقاومة الاحتلال إرهاباً، فإن الشعوب العربية مطالبة بأن ترفع صوتها الداعم للشعب الفلسطيني، في حراكه الرافض لوصف مقاومته الاحتلال الإسرائيلي بالإرهاب، ودون ذلك، فإن كل صامت هو شريك في صياغة مشروع القرار الأمريكي الذي يحارب المقاومة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.