يعدّ الشيخ صبحي أبو صبيح (43 عامًا) حاملًا لامتياز لا يشاركه به معظم الناس، إذ إنه المسؤول عن رفع الأذان وإقامة الصلاة خمس مرات يوميًّا في مسجد الحرم الإبراهيمي وسط مدينة الخليل.
والشيخ أبو صبيح يواظب على أداء عمله هذا منذ عام 2005، ويقول: "شرف عظيم أن اختارني الله وأكرمني بالوجود في المكان بمسمى مؤذن الحرم الإبراهيمي، وهذا ما يجعلني دائمًا سعيدًا، لأن كثيرًا من الناس يتمنون مكاني هذا".
وشارك أبو صبيح في العديد من المسابقات المحلية والعربية والدولية، حيث تميّز بجمال صوته وإتقان قراءته للقرآن.
ويطالب أبو صبيح المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بالالتزام بواجباتها تجاه الحرم الإبراهيمي، ووضع حد لتمادي الاحتلال، موضحًا أن "هذه الصلوات والعبادات يجب تحييدها عن المشكلات السياسية".
رغم سعادة أبو صبيح الغامرة بحصوله على هذا التشريف الكبير الذي حصل عليه طيلة السنوات الماضية، إلا أن سياسات الاحتلال تنغص عليه ملذته الروحانية بسبب حرمانه المتكرر من رفع الأذان في الحرم، بزعم "إزعاج المستوطنين" في الخليل.
يقول الشيخ أبو صبيح لصحيفة "فلسطين": "منعي من الأذان يشكل غصة في قلبي، ولكني لا أستطيع فعل شيء، فهو أمر واقع، لكنه مخالف لكل القوانين الدولية التي حفظت حق العبادة للإنسان".
وتفرض سلطات الاحتلال سيطرتها على قلب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، بما فيها الحرم الإبراهيمي الشريف، ويعقب أبو صبيح على ذلك بالقول: "كل أروقة الحرم تحت مراقبة الاحتلال".
ويؤكد أبو صبيح أن الاحتلال يمنع يوميًّا رفع أذان المغرب بحجة وجود المستوطنين وإقامة صلواتهم داخل الحرم، ويوم الجمعة يمنع رفع أذانَي المغرب والعشاء، أما يوم السبت فيمنع رفع أذان كل الفرائض، مضيفًا: "يصل منع رفع الأذان خلال الشهر 45-80 مرة".
ويضاف إلى ذلك، الأعياد والمناسبات اليهودية، حيث تفرض سلطات الاحتلال منع رفع الأذان منعًا كاملًا، لأن الحرم يكون حينها مغلقًا في وجه المصلين المسلمين، فيما يكون متاحًا للمستوطنين، مشيرًا إلى أن هذا الأمر معمول به منذ عام 1999.
من جهته، أكد مدير الحرم الإبراهيمي الشيخ حفظي أبو اسنينة أن الاحتلال يفرض سيطرته على 63% من مساحة الحرم الإبراهيمي البالغة 4750 مترًا.
وقال أبو اسنينة لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال يحاول دائمًا إخراج المؤذن من الغرفة المخصصة له، والاستيلاء على الحرم الإبراهيمي كاملًا".
بدوره قال وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ يوسف ادعيس: إن "سلطات الاحتلال منعت رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي 47 وقتًا خلال الشهر الماضي"، مطالبًا المجتمع الدولي بالوقوف أمام التزاماته بحماية الأماكن المقدسة من الاعتداءات أو تغيير معالمها.
وأكد ادعيس في بيان صحفي أمس، أن الانتهاكات الإسرائيلية لحق العبادة للمسلمين أصبحت تنحو منحى خطيرًا، وتعمل على بسط السيطرة الإسرائيلية على أماكن دينية، هي وقفية إسلامية، وحق من حقوق المسلمين الخالصة، وهذا ما يظهر بوضوح سواء في منع الأذان الذي يتكرر شهريًّا، بل وحتى يوميًّا، أو من خلال إغلاق المسجد لإتاحة المجال لسوائب المستوطنين لتدنيسه من خلال اقتحاماته.
كما حذر مركز الإنسان للديمقراطية والحقوق، من سياسة الاحتلال العنصرية المتواصلة ضد الفلسطينيين، والتضييق عليهم في ممارسة شعائرهم الدينيّة، التي تخالف قواعد القانون الدولي التي أكدت ضرورة حماية الأماكن المقدسة لضمان ممارسة الشعائر الدينية بحرية، مطالبًا المؤسسات ذات الصلة بوضع حد لهذه الممارسات من قبل الاحتلال، التي تعوق تطبيق الحق والحرية في ممارسة الشعائر الدينية.