فلسطين أون لاين

​"ذوو الإعاقة" في القانون.. نصوص إيجابية وتطبيق مفقود

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

"ذوو الإعاقة" مصطلح يجب التوقف عنده قليلًا، خاصة أن الأشخاص من هذه الفئة يحتاجون رعاية واهتمامًا خاصين في التعامل معهم، لكونهم يواجهون بعض الصعوبات في حياتهم اليومية، خلافًا للأشخاص الأسوياء القادرين على تسيير أمورهم الحياتية بأنفسهم.

الظروف التي يمر بها هؤلاء الأشخاص تستدعي توفير بيئة خاصة بهم، وتشكيل حاضنة لرعايتهم باستمرار، وهو ما يفتح بابًا للتساؤل عن نظرة القانون الفلسطيني إليهم، ومدى إنصافه في التعامل معهم.

ويُعرف المعوق بأنه الشخص المصاب بعجز كلي أو جزئي خلقي أو غير خلقي، مستقر، في أي من حواسه أو قدراته الجسدية أو النفسية أو العقلية، إلى المدى الذي يحد من إمكانية تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعوقين، بحسب القانون رقم (4) الصادر عام 1999م في قطاع غزة.

وتنص المادة (2) في القانون على حق المعوق في التمتع بالحياة الحرة والعيش الكريم والخدمات المختلفة شأنه شأن غيره من المواطنين، له الحقوق نفسها وعليه واجبات في حدود ما تسمح به قدراته وإمكاناته، ولا يجوز أن تكون الإعاقة سببًا يحول دون تمكن المعوق من الحصول على تلك الحقوق.

ويرى اختصاصيان في مجال ذوي الإعاقة أن القانون الفلسطيني يتضمن مواد إيجابية ومُنصفة لذوي الإعاقة، لكنه يفتقد التنفيذ الفعلي على أرض الواقع.

تعديلات

يؤكد الناشط المجتمعي رئيس شبكة الأجسام الممثلة للإعاقة ظريف الغرة أن القانون يحتاج كثيرًا من التغييرات والتعديلات، مشيرًا إلى أنه يفتقد التنفيذ العملي منذ إقراره حتى اللحظة.

ويقول الغرة لصحيفة "فلسطين": "القانون شُرّع ولم يوضع له لائحة تنفيذية تضمن تطبيقه عمليًّا، وهو ما يدفع الأشخاص ذوي الإعاقة إلى المطالبة بتطبيقه".

ويعزو عدم تنفيذ القانون إلى أمرين: الأول هو عدم وجود اللائحة التنفيذية، والثاني استمرار الانقسام السياسي بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة الذي ألقى بظلاله سلبًا على ذوي الإعاقة.

ويتفق معه في ذلك الناشط بمجال حقوق الإنسان من نابلس سامر العقروق، عادًّا القانون النصوص التي يضمها "مميزًا"، وفيه إيجابية كبيرة، وأقرّ العديد من الحقوق.

ويستدرك العقروق خلال حديثه إلى "فلسطين": "لكّن اللائحة التنفيذية للقانون وما يجري على الأرض قاصران بامتياز"، مشيرًا إلى أن ما طُبّق منه لا يتجاوز 25%، في جميع المجالات: العمل والتأمين الصحي وغيرها.

ويذكر أن حكومة الحمد الله تتذرع بأن عدم تطبيق القانون له علاقة بالأزمة المالية، واحتياجه أموالًا كثيرة، مؤكدًا رفضه هذه الحجة؛ "فهي غير مقبولة"، وفق تعبيره.

ويؤكد العقروق ضرورة فتح مراكز متقدمة لتدريب وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة بغض النظر عن طبيعة الإعاقة، مطالبًا بتطبيق القانون وفرض عقوبات على المخالفين.

وتنص على ذلك المادة (10) في القانون، إذ تتولى وزارة التنمية الاجتماعية مسؤولية التنسيق مع جميع الجهات المعنية للعمل على رعاية وتأهيل المعوقين في مجالات التأهيل المجتمعي والتعليم والتشغيل والرياضة.

اتفاقية دولية

في عام 2014م انضمت فلسطين إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما يعدّه الناشط المجتمعي الغرة "خطوة إيجابية" لمصلحة هذه الفئة.

ويبين أن الانضمام إلى هذه الاتفاقية يترتب عليه مواءمة القانونِ الفلسطينيِّ المحليِّ القانونَ الدولي، مؤكدًا أن "فلسطين تأخرت في ذلك".

ويشير الغرة إلى أن فلسطين بدأت أولى خطواتها في التعديل منذ ثلاثة أشهر فقط، من طريق وزارة التنمية الاجتماعية المسؤولة عن ذوي الإعاقة، لافتًا إلى عقد لقاءات كثيرة بين غزة والضفة للخروج بصيغة قانون جديد يلائم الاتفاقية الدولية.

وتتمحور بنود الاتفاقية الدولية حول ضرورة توفير الحقوق للأشخاص ذوي الإعاقة، والحياة الكريمة، علاوة على توفير فرص التعليم والتأهيل، وغيرها من الحقوق.

ولم يستبعد أن تتوج الجهود المبذولة في هذا السياق بتحسين أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة خلال المرحلة المُقبلة، مطالبًا بإنهاء الانقسام وتوحيد الجهود بين غزة والضفة للمساهمة في تعزيز حياة ذوي الإعاقة، وإنهاء حالة انتهاك الحقوق التي تعانيها هذه الفئة.

وتُفيد إحصائيات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني لعام 2017م أن عددالأشخاص من ذوي الإعاقة في فلسطين بلغ 255,224، ما نسبته 5,8% من السكان، منهم 5% بالضفة الغربية، و6,8% في قطاع غزة.