حذر حقوقيون وأسرى ومحررون من خطورة خطوة دمج جمعية نادي الأسير الفلسطيني وتخفيض اختصاص مهام هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى هيئة تختص بشؤون الأسرى فقط، مؤكدين أن من يدعي رفض المخططات الأمريكية يجب عليه الوقوف مع الأسرى إلى ما بعد تحريرهم.

ومنذ خمسة أشهر لم يتلقَّ محامو نادي الأسير مخصصاتهم المالية بعد تجميدها، وسط وعود بصرفها دون تحديد أي مواعيد لذلك، في خطوة عدها مراقبون إعادة هيكلة وتقليصًا لمهام نادي الأسير المقدمة للأسرى في سجون الاحتلال.

فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى، أوضح أن جمعية نادي الأسير هي المؤسسة الوحيدة التي تدافع عن الأسرى في سجون الاحتلال، بعد إغلاق جميع المؤسسات الحقوقية، ومنع المحامين فيها من الدفاع عنهم.

وأوضح الخفش في حديث لصحيفة "فلسطين" أن محاولة دمج أو إغلاق نادي الأسير سيؤثر قانونيًّا في الدفاع عن الأسرى، والعمل لأجلهم سيتراجع، كما سيؤثر القرار في ذوي الأسرى.

وقال: "القرار سيرهق أهالي الأسرى في الدفاع عن أبنائهم من ظلم الاحتلال، وسيكلفهم مبالغ باهظة لا يستطيعون جمعها تصل إلى آلاف الدولارات"، وعزا القرار إلى خلافات وصراعات داخلية بين قيادات حركة "فتح"، يدفع ثمنها الأسرى وذووهم.

وذكر المختص في شؤون الأسرى، أن الخطوة جاءت بعد مساندة نادي الأسير وقيادات وطنية وأسرى محررين ووزير الأسرى والمحررين السابق عيسى قراقع لإضراب الكرامة في سجون الاحتلال، بقيادة القيادي في حركة "فتح" مروان البرغوثي.

وشدد الخفش على أن لا أحد يستطيع تصفية قضية الأسرى، داعيًا لحراك عاجل لوقف العمل بهذه القرارات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية.

وترأس الرجوب لجنة خاصة شكلتها السلطة وحركة "فتح"، لإعادة هيكلة نادي الأسير ومؤسسات الأسرى، وخفضت اللجنة مستوى تمثيل وزارة الأسرى إلى هيئة، والتي شكلت بعد إنهاء إضراب الكرامة الذي استمر لـ41 يومًا في شهر نيسان/ أبريل 2017.

رواتب المحامين لم تصرف

المحامي في نادي الأسير محمود الحلبي، أكد في حديث لصحيفة "فلسطين" عدم تلقي 27 محاميًا في نادي الأسير استحقاقهم المالي منذ خمسة أشهر، مشيرًا إلى وجود نقاشات بين هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير لتنسيب الأعمال بين الطرفين، حيث ستتابع الهيئة الأسرى في سجون الاحتلال فقط.

وقال الحلبي: "لم يتفق حتى اللحظة على آلية العمل، ولم نبلغ بأي تفاصيل (...) لا نتدخل بقضية دمج نادي الأسير بهيشة شؤون الأسرى، ونتمنى أن تصل السفينة إلى بر الأمان".

النزول إلى الشارع

الأسير المحرر خضر عدنان، أكد رفضه للإجراءات الجديدة، واصفها بأنها "خطيرة لا تخدم قضية الأسرى الوطنية".

وقال عدنان لـصحيفة "فلسطين": "من يرفض تحكم الإدارة الأمريكية في قضيتنا عليه أن يبقي على هيئات الأسرى ومؤسساتهم التي تخدمهم"، محذرًا من تراجع الاهتمام الرسمي بقضية الأسرى وتخفيض مستوى تمثيلهم أولًا بتحويل الوزارة إلى هيئة ثم نزع مهمة الأسرى المحررين منها.

وأضاف: "نادي الأسير تعامل حتى اللحظة بنفس وطني، ووجوده ضروري ويخدم الأسرى بعيدًا عن توجهاتهم وأحزابهم والتضييق عليه أمر خطير".

ورفض القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، تغييب الأصوات والبرامج الإعلامية المساندة للأسرى في المؤسسات الإعلامية الرسمية، مثل إلغاء برنامج لأجلكم عبر تلفزيون فلسطين، أو شريط الرسائل الخاص بإرسال البرقيات المكتوبة للأسرى في سجون الاحتلال".

وأضاف: "نحن مع الأسرى قلبًا وقالبًا"، موجهًا رسالته للمسؤولين: "لا تجعلونا نضطر كعائلات للأسرى والمحررين للنزول للشارع ولمطالبة بالحفاظ على مؤسسات الأسرى والمحامين المدافعين عن حقوقهم".

وشدد عدنان على أن قضية الأسرى ليست مرتبطة بالأكل والشرب والراتب، "بل هي كرامة وعزة وتحرير لهم من الأسر، ومن يقدم شيء للأسرى هو يتشرف بذلك".

الحركة الأسيرة ترفض

بدورها عدّت الحركة الأسيرة في سجن النقب نادي الأسير "جمعية أهلية لها أهدافها وأسباب إنشائها وظروفها، وتعنى بالقضايا المنوطة بها وليست جسمًا سياسيًّا لتخضع للدمج أو الحل، مؤكدين أن دمجها لا ينفع الأسرى بشيء.

وأضافت الحركة في بيان لها مساء أمس: "هيئة شؤون الأسرى هي الجسم السياسي والمعنوي والخدماتي الذي يمثل الأسرى والأسرى المحررين وهي الجهة الشرعية والسياسية لتمثيلهم، وأنه لا يمكن الاستغناء عن المؤسستين أو دمجهما".

وأكد الأسرى أن "إخضاع مثل هذه المؤسسات لتجاذبات هنا أو هناك ليس فيها أي نفع ولا نرى فيها سوى ألاعيب من شأنها دثر القضية وهدر الحقوق"، رافضين محاولات تصفية قضية الأسرى.

وجمعية نادي الأسير الفلسطيني من أقدم المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بالأسرى والمحررين، إذ تأسست الجمعية في أيلول/سبتمبر عام 1982 خلال مؤتمر عقد في جامعة بيرزيت برام الله، وقد انتخب مجموعة من الأسرى المحررين لإدارة النادي.

ويقدم نادي الأسير مهام تأهيلهم نفسيًّا واجتماعيًّا ومهنيًّا للأسرى بعد خروجهم من سجون الاحتلال، وكذلك رعاية شؤون الأسرى داخل السجون، وعائلاتهم، وطرح قضاياهم في مختلف الأوساط الحقوقية والقانونية المحلية والدولية.

كما تسهم الجمعية في بناء البنية التحتية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية للأسرى من خلال برامج التأهيل والتدريب، إضافة لنشر التراث الفكري والثقافي والاجتماعي للأسرى داخل السجون، وتوثيقه كجزء من التراث الوطني الفلسطيني.