مسيرة العودة دفعت العالم إلى إعادة حساباته تجاه القضية الفلسطينية
الأتراك لديهم موقف متفاعل جدًّا مع قضايا فلسطين جهود لتشغيل مواطنين من غزة عن بعد.. ومساعٍ لإنشاء نادٍ لذوي الإعاقة
كشف رئيس الجمعيّة التركيّة للتضامن مع فلسطين "فيدار"، محمد مشينش، عن أن ملفات تفصيليّة حول جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد مسيرة العودة السلمية شرقي قطاع غزة، بحوزة مؤسسات حقوقية تركية، تمهيدًا لرفع دعاوى شخصية ضد قادة الاحتلال في المحاكم الدولية.
وذكر مشينش أن تلك الملفات مصدرها مؤسسات حقوقية ناشطة في غزة تعمل على رصد وتوثيق جرائم الاحتلال بحق متظاهري مسيرة العودة، موضوعة الآن على طاولة مؤسسات حقوقية تركية وتعمل عليها.
وقال مشينش: إن "فيدار" هي حلقة الوصل بين المؤسسات الحقوقية بغزة ونظيرتها بتركيا حول تلك الملفات، مضيفًا أننا "نعمل أن يكون هناك ملاحقة لقادة كيان الاحتلال ورفع دعاوى شخصية ضدهم بحيث تتم مطاردتهم في العالم".
وتابع: "زوّدنا المؤسسات الحقوقية التركية بتقارير تفصيلية عن استخدام العدو أسلحة محرمة وبشكل مباشر ضد متظاهري العودة، والآن بدأت تتفاعل هذه التقارير، ونسعى لتفعيلها أكثر حتى نصل إلى رفع قضايا في المحاكم الدولية".
وقدّر أن من شأن هذا الحراك الحقوقي عرقلة تحركات قادة كيان الاحتلال في العالم، مؤكدًا ضرورة عدم استعجال قطف الثمار، "فالنضال الفلسطيني عمل متراكم قد لا ترى نتائجه مباشرة".
إبداع فلسطيني
ووصف مشينش مسيرات العودة بأنها "إبداع فلسطيني حصلت على نتائج هائلة وأكبر مما كان يُتخيّل، نتيجة الدماء الزكيّة الطاهرة التي سالت على أرض فلسطين".
ومنذ نهاية آذار/مارس الماضي يشارك عشرات آلاف الفلسطينيين بمسيرات سلمية قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة وأراضي الـ48، لكن جيش الاحتلال يقمع تلك المسيرات بعنف، ما أدى إلى استشهاد 247 مواطنًا بينهم 11 شهيدًا احتجز جثامينهم ولم يسجلوا في كشوفات وزارة الصحة بغزة، في حين أصيب أكثر من 22 ألفًا آخرين.
وقال مشينش: إن تلك المسيرات حرّكت العالم كلّه وقادته إلى إعادة حساباته تجاه القضية الفلسطينية، بخلاف أنها أحرجت كيان الاحتلال نتيجة محاربته مسيرات سلمية لا تحمل أي مظاهر عسكرية وإنما أدواتها "يسيرة جدًّا".
وأشار إلى مقدار التغيّر في المزاج العالمي تجاه قضية فلسطين وحصار غزة خصوصًا، وذلك بفضل مسيرات العودة التي قوبلت بحراك سياسي عالمي وإدانات لكيان الاحتلال.
وأكد أن هذا "لم نكن نسمعه سابقًا ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء عبر سلسلة من التحركات السياسية والميدانية والإعلامية" ضد الاحتلال الإسرائيلي.
تركيا حاضرة
وأشار إلى الدعم التركي الرسمي لجرحى مسيرات العودة واستقبال حالات حرجة منهم في المستشفيات التركية، فضلًا عن الدعم الشعبي لتلك المسيرات عبر خروج مسيرات تضامنية في العديد من مدن البلاد.
وشدد رئيس الجمعيّة التركيّة للتضامن مع فلسطين، على أن المواطنين الأتراك لديهم موقف عالٍ ومتفاعل جدًّا مع قضايا فلسطين، ولا أدل على ذلك من الحشود الهائلة التي خرجت في أوقات سابقة من كل الأراضي التركية رفضًا للاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين واحتجاجًا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل).
جهود لدعم غزة
واستعرض مشينش في سياق آخر، سلسلة من الجهود تبذلها "فيدار" لدعم الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته، مبينًا أن الجمعية ناقشت في أوقات سابقة مع جهات عاملة في تركيا إمكانية تشغيل مواطنين من غزة عن بعد، حيث نجحت في إيجاد فرص عمل لمهندسين من غزة وإعطاء رواتب شهرية لهم على مدار 4 أشهر، وذلك بعد تواصل الجمعية مع اتحاد المهندسين الفلسطينيين في تركيا.
وذكر أن هناك مجالات أخرى تطرق الجمعية أبوابها لتشغيل مواطنين من غزة فيها عن بعد ضمن جهود كسر الحصار عنهم، ومن ذلك مجالات الأعمال المكتبية والتصاميم والمونتاج وغيرها من الأعمال التي تقبل العمل عبر شبكة الإنترنت.
وشدد مشينش على أن جمعيته دائمة الحديث في موضوع التشغيل عن بعد مع المؤسسات العاملة في تركيا من أجل إيجاد وظائف عمل للشباب الفلسطيني في غزة.
ولفت الانتباه إلى أن جمعيته بدأت منذ بداية العام التفكير في طرق أخرى لتقديم الدعم لأهل غزة بغرض دعم البنية التحتية، كاشفًا أنها تسير حاليًا في مشروعٍ سيستفيد منه مئات الأسر بغزة لتحلية مياه الشرب، التي تتجاوز مستويات التلوث فيها حاجز الـ95%.
أيضًا أفصح أن "فيدار" تبذل جهودًا مع بلديات تركية لدعم شريحة ذوي الإعاقة في قطاع غزة خصوصًا أولئك الذين تسبب الاحتلال الإسرائيلي في رفع نسبتهم نتيجة حروبه المتكررة واعتداءاته على مسيرات العودة.
وفي هذا السياق بين مشينش أن "فيدار" تقود مساعي لإنشاء نادٍ مخصص لذوي الإعاقة من كلا الجنسين بغزة عبر إيجاد تمويل لبناء النادي فوق قطعة أرض من ستة دونمات أتاحتها جمعية السلامة الخيرية بغزة.
وأفاد بأن إحدى البلديات التركية وجّهت موظفيها لتقديم دراسة جدوى لمثل هذا النادي الذي قدر أن تكلفة بنائه تتجاوز المليون دولار أمريكي.
أيضًا أشار إلى أن جمعية فيدار تكفل 300 يتيم من أبناء شهداء مسيرات العودة، وكذلك حلقات لتحفيظ القرآن الكريم، إضافة إلى تقديمها سلالًا غذائية دائمة، مؤكدًا أنها تعتمد في تنفيذ مشاريعها على ما يجود به أهل الخير وعلى الجمعيات التركية الداعمة.
تشبيك العلاقات
وجمعية "فيدار" أسسها مواطنون أتراك من أصول فلسطينية في عام 2007م وتهدف إلى تقديم الدعم والتضامن مع القضية الفلسطينية بكل جوانبها.
ويقول مشينش إن الجمعية أخذت على عاتقها أن تكون جسرًا يربط بين الشعبين التركي والفلسطيني.
وأضاف أن الجمعية تعمل على إيصال هموم وآلام وآمال شعبنا الفلسطيني إلى إخوانهم الأتراك، وإطلاعهم أولًا بأول على آخر مستجدات القضية الفلسطينية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عندهم عن تلك القضية، خصوصًا أن مصادر معلوماتهم في السابق كانت تأتي من الوكالات الغربية التي تتبنى الرواية الإسرائيلية.
كذلك تعنى الجمعية بتشبيك العلاقات بين الفلسطينيين سواء في تركيا أو القادمين من فلسطين مع نظرائهم الأتراك، إلى جانب أن الجمعية تقدم خدمات متعددة للفلسطينيين الموجودين في تركيا ويقدر عددهم بالآلاف.
وقال مشينش: "إننا نعمل على إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة في ضمائر هؤلاء الفلسطينيين من خلال البرامج التي تقدمها الجمعية خصوصًا في المناسبات الوطنية الفلسطينية".