فلسطين أون لاين

​كيف تحصل "البركة في المعيشة"؟

...
الصدق في المعاملات في البيع والشراء له دور في البركة
غزة/ مريم الشوبكي:

يشكو عدد من الناس من نزع البركة في حياته، فتجد أحدهم يكد ويتعب من أول النهار إلى آخره، وفي النهاية يتبخر ماله فلا يستطيع أن ينفق على نفسه أو يسدد ديونه، بل تزيد الأعباء عليه، وآخر غني يكسب المال الوفير وحينما ينظر فيما أنفق يجد أنه أنفق على أمور ليس بها منفعة عليه لأن البركة نزعت من ماله.

البركة في اللغة الزيادة والنماء، واصطلاحًا كثرة الخير ودوامه، والبركة في المعيشة لها سبل وطرق تجلبها، وأسباب تنزعها.

تقوى الله

رئيس رابطة علماء فلسطين في رفح عدنان حسان قال: "في هذه الأيام التي نعيشها نجد الكل يشكو سواء فقيرًا أم غنيًا من نزع البركة في معيشته وأمواله وأولاده، وهذا في العموم يستوجب الوقوف، قال الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}.

وأضاف حسان لـ"فلسطين": "كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو اللهم اهدِنا فيمَن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، لذلك فإن البركة من الله".

ومن أدلة البركة أيضًا، ذكر أن النبي في صحيح الامام البخاري: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى، قَالَ بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ».

وبين رئيس رابطة علماء فلسطين في رفح أن ما يزيد البركة في الأمور سواء في المعيشة ,والأولاد والعمل والزوجة، الالتزام بأوامر الله ونواهيه، قال تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"، وفي آية أخرى، قال عز وجل: "وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا".

القرآن والصدق

وأوضح أن السبيل الثاني لجلب الخير والبركة، قراءة وتدبر آيات القران الكريم، وفق قوله تعالى: "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"، البركة في المعيشة ليست محصورة في المال والطعام والشراب بل في علم نافع، أو بصيرة نافذة، أو في الأولاد والزوجة والعمل، وأن يدفع الله عنه المصائب بفضل هذا الالتزام.

ومن الأمور التي تجلب البركة، بين حسان أن الصدق في المعاملات في البيع والشراء له دور، عن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((البيِّعانِ بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صدقًا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)؛ متفق عليه، إن البركة تُمحق بالكذب والغش والأيمان الكاذبة.

ونبه إلى أن الربا والرشوة والسرقة تمحق البركة، وأكل المال الحرام وإن كان كثيرًا يذهب البركة، إذا اجتمع الحلال مع الحرام ذهب الحلال بالحرام، قال عز وجل: "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ".

ودعا حسان كل مسلم لتزداد بركة ماله أن يبتعد عن المال الحرام، ويزيد من الصدقات قال صلى الله عليه وسلم "ما نقص مال من صدقة".

ولفت إلى أن من الأمور المستجلبة للبركة اجتماع العائلة على مائدة واحدة، متبعة نهج النبي صلى الله عليه وسلم, والتسمية قبل الأكل، وكلما اجتمعوا على طعام زادت البركة في الجماعة، حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البركة تنزل وسط الطعام، فكلوا من حافتيه).

السلام

ونبه حسان إلى أن إلقاء الطعام في القمامة ينزع البركة من أموال الناس، فعن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذىً وليأكلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه؛ فإنه لا يدري في أي طعامه البركة).

وبين أن من سبل جلب البركة السلام على الأهل عند دخول البيت، وروى الترمذي (2698) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا بُنَيَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ.

وأشار حسان إلى أمر قد يكون غائبًا عن الناس، تجد كثيرا منهم لا يقوم للعمل مبكرًا، أن يصلي العبد الفجر جماعة في المسجد، ثم يتوجه إلى تجارته وعمله، قال صلى الله عليه وسلم (اللهم بارك لأمتي في بكورها).

وبين أن وجود الزيتون في البيت يجلب البركة، قال تعالى: "يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ"، من أيام البركة تنزل الغيث، لأن المطر زيادة في الزرع والإنسان والحيوان، قوله تعالى: "ونزلنا من السماء ماء مباركا".

ولفت حسان إلى أن سكنى بلاد الشام (سوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن) واليمن تجلب البركة، عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، فقالوا: وفي نجدنا يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، فقال الناس: وفي نجدنا يا رسول الله؟".

وأوضح أن إحلال البركة بالعبد حينما يكون صالحًا في ذاته، وأن يرتقي في مرتبة أعلى بأن يكون مصلحًا للآخرين معلمًا الناس الخير داعيا إلى الله.

ونبه حسان إلى أن التوجه الى الله بالدعاء والبعد عن الظلم والعدل بين الأبناء، وبين الانسان وغيره، من أسباب جلب البركة والسعة.