فلسطين أون لاين

​عمرها يزيد عن خمسين عامًا

بيارة الريس.. عنوان التحدي والمقاومة بالزراعة

...
الزميلة صفاء عاشور تحاور سمير ناهض الريس
غزة - صفاء عاشور

على غرار كل عام كان لا بد لسمير ناهض الريس (أبو أشم) أن يكون موجودًا في بيارة العائلة المزروعة أصناف الحمضيات كافة، فهذا الوقت من العام هو افتتاح موسم الحمضيات، ولا يوجد مكان أكثر صلة بتاريخ الحمضيات مثل هذه البيارة.

بيارة كروم اللوز هو الاسم الأول والأساسي لبيارة الريس، وذلك قبل البدء بزراعتها بالحمضيات، حيث كانت في السابق مزروعة أصناف اللوزيات كلها، إلا أنه تم تحويل الأصناف المزروعة من اللوزيات إلى الحمضيات على عهد جده أي قبل ما يزيد عن خمسين عامًا.

سمير ناهض الريس أحد ورثة البيارة والذين يبلغ عددهم 22 وريثًا، أكد أن جده منذ بداية حياته حول زراعة هذه الأرض التي كانت مزروعة باللوزيات إلى أشجار مزروعة بأصناف الحمضيات كالبلنسيا، البوملي، الكلمنتينا وغيرها.

وقال في حديث لـ"فلسطين": "البيارة مجاورة لما كان يسمى في السابق مستوطنة نتساريم وهو ما جعلها تتعرض لأكثر من مرة للتجريف، إلا أن والدي كان مصممًا على أن يعيد زراعتها من جديد بأشجار الحمضيات".

وأضاف: "إصرار والدي غرس فينا ثقافة المقاومة والتمسك بالأرض، فوالدي كان يعد الزراعة نوعًا من أنواع المقاومة، وأن من يزرع الشجر يثبت أقدامه في الارض التي هي ملكه وليست ملك أي أحد آخر".

وأكد الريس أنه كان يلمس اهتمام والده بالأرض من خلال اعتنائه الشديد بها والإصرار على زراعتها في كل مرة كانت جرافات الاحتلال الإسرائيلي تجرفها، لافتًا إلى أن هذا الأمر غرس في الجميع حب الأرض وضرورة المحافظة عليها.

وبين أنه رغم تجريف الأرض أكثر من مرة إلا أن مساحة البيارة لا تزال كما هي منذ القدم، إلا أن ما اختلف هي الأصناف المزروعة فيها، حيث تم استبدال البلنسيا بالمخال، والجرفوت بالبومليت وزراعة أصناف محسنة عن الحمضيات، كما أن الأرض محاطة بقليل من أشجار الزيتون، مشيرًا إلى أن ما يعزز زراعة الحمضيات هو وجود المياه الحلوة في تلك المنطقة.

وذكر أن البيارة تعود الآن لورثة منير الريس وهم 22 وريثًا، إلا أن فكرة تقسيم الأرض وتوزيعها على الورثة لم ترد في أذهانهم بتاتًا، فما غرسه جدهم وآباؤهم أن هذه الأرض هي للمقاومة جعلهم مصممين على أن تبقى قطعة واحدة لا تقبل القسمة بتاتًا.

وأردف الريس: "كما أن اطلاعهم على تجارب الآخرين ورؤيتهم كيف أن الأرض عندما تتعرض للتقسيم تضيع ويبخس الجميع في ثمنها جعلهم يعزفون عن عيش هذه التجربة والتي سيكون ثمنها باهظًا للغاية".

وقال: "نحن محافظون على الإرث ونحن حتى الآن ما زلنا على قلب رجل واحد ومتمسكين بالمحافظة على هذه الأرض".

وأشار الريس إلى أن هذه الأرض تعرضت هي الأخرى للتحديات التي واجهتها الأراضي الزراعية في قطاع غزة، لافتًا إلى أن تكلفة العناية بأشجار الحمضيات مكلفة للغاية، كما أن المبيدات اللازمة لها قد لا تعطي التأثير المطلوب من أول استخدام، وهو ما يدفعهم لشراء المزيد منها وبالتالي زيادة تكلفة العناية بها، بالإضافة إلى أن القدرة الشرائية في الأسواق في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية ليست عالية كما أن التصدير ممنوع حتى لا يتم منافسة الحمضيات المصدرة من دولة الاحتلال.

وعند سؤالنا له، في ظل هذه التحديات ما الذي يجبركم على الاستمرار في الزراعة والاهتمام بهذه الأرض، قال الريس:" المسألة مسألة مبدأ أساسًا، والبيارة إذا اكتفت ذاتيًا من ناحية المصاريف، فنحن لا نبحث عن الربح من ورائها"، معبرًا عن أمله في أن تتحسن الأوضاع في إطار الأحاديث عن المصالحة والانفراجات التي قد تُحسن قدرة الناس الشرائية.