لا تزال السلطة الفلسطينية ماضية بإجراءاتها العقابية التي فرضتها ضد قطاع غزة، بل وتهدد بفرض المزيد، حال عدم تسليم القطاع "من الباب إلى المحراب" كما يريد رئيس السلطة محمود عباس.
علاوة على ذلك، فإن السلطة تتنكر لفرضها أي عقوبات على القطاع التي تتضمن تخفيض إمدادات الكهرباء لغزة وتقليص رواتب موظفي السلطة بغزة، وهذا ما صرّح به عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، بأنه "ليس هناك عقوبات من الأساس، لأن كلمة عقوبات مربوطة بحماس"، وفق زعمه.
ومع انتصار المقاومة الفلسطينية في غزة خلال جولة التصعيد الأخيرة مع الاحتلال، التي عدّتها شخصيات وفصائل "فرصة تاريخية" لإعادة اللحمة الفلسطينية، يبقى التساؤل مفتوحاً: هل يستغل عباس تلك الفرصة برفع العقوبات عن غزة كخطوة أولى؟
تثير السخرية
الكاتب والمحلل السياسي وسام أبو شمالة، رأى أن تصريحات قيادة "فتح" التي تتنكر لفرض السلطة عقوباتها على غزة مثيرة للسخرية، في ظل الانعكاسات السلبية التي خلّفتها تلك العقوبات على المواطن في القطاع، وجميع شرائح المجتمع الفلسطيني.
وقال أبو شمالة لـ"فلسطين": إن إصرار السلطة على فرض عقوباتها يعكس فشلها بتحقيق أهدافها بتركيع قطاع غزة، ودفع حماس للاستسلام لها، وهو ما يدفع أيضاً رموز السلطة بالحديث عن عدم وجود عقوبات"، وفق رأيه.
واستبعد رفع العقوبات وتحقيق المصالحة أيضاً خلال ولاية عباس، سيّما أن له رؤية خاصة به في التعامل مع غزة، قائمة على التفرد وبعيدة عن الشراكة الوطنية.
وأضاف أبو شمالة أن عباس يريد أن يكون الكل الفلسطيني تابعا له، والقوى الوطنية تلتزم برؤيته، وهو ما يدفع باتجاه عدم تحقيق أي تقدم في رفع الاجراءات العقابية كحسن نية لإنهاء الانقسام، مستدلاً بتصريح عباس "نريد غزة من الباب للمحراب".
وأكد ضرورة أن تقتنع السلطة بأهمية الشراكة الوطنية في اتخاذ القرارات السياسية والابتعاد عن سياسة الاقصاء والهرولة نحو تمتين العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، داعياً إياها لوضع أجندة وطنية تتحرك من خلالها في رسم السياسات.
في الأثناء، يرى أبو شمالة، أنه في حال أصرّت السلطة على استمرار عقوباتها، سيكون هناك العديد من التحركات للتخفيف عن الشعب الفلسطيني من آثار الحصار، قبل وصول الأوضاع للانفجار.
ويتفق مع ذلك الكاتب والمحلل السياسي بالضفة خالد العمايرة، مستبعداً أن تُغير السلطة في سياساتها تجاه قطاع غزة، في ظل قيادتها الحالية.
وأوضح العمايرة، أن السلطة غير معنية برفع عقوباتها على قطاع غزة، عاداً إصرارها على بقاء العقوبات يندرج في إطار "محاولاتها لإرضاء (إسرائيل) والولايات المتحدة".
ويقول: "السلطة تتعامل بأسلوب العلاقات العامة مع غزة؛ فعند تصاعد العدوان ضدها، لا تُصرح بسياساتها الحقيقية وما يدور في قلبهم، خشيةً من فضح أنفسهم أمام العالم".
ويضيف: "عندما تهدأ الأوضاع في غزة، تعود السلطة لسياسة التهديد والوعيد"، مشدداً على أن السلطة "تتآمر مع الاحتلال ضد القطاع".
وبحسب العمايرة، فإنه يجب على السلطة تثبيت المقاومة في غزة وتعزيز صمود أهلها، بدلاً من فرض المزيد من الإجراءات العقابية عليها.
تجدر الإشارة إلى أن عباس، فرض في إبريل عام 2017 إجراءات عقابية على غزة لإجبار حركة حماس على تسليم القطاع لحكومة الوفاق الوطني، وشملت خصم 50% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص الكهرباء، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري.