بعيدًا عن العاطفة والتسرع في فهم الأحداث، وشئنا أم أبينا، فإن ما حصل في جولة غزة الأخيرة من نجاح ونصر للمقاومة في جولتها، انعكس سلبا على مستقبل "نتنياهو" السياسي، ولن يكون هناك ما يرفع من شعبية "نتنياهو" في الانتخابات القادمة بعد إخفاقه وكشف قواته الخاصة، وفشل في أن يوجع غزة كما كان الوضع في حروبه العدوانية قبل الجولة الأخيرة التي استمرت يومين تقريبا، أوجعت الاحتلال وجعا كبيرا وعملت زلزالا سياسيا في دولة الاحتلال.
خلال يومين قصف "نتنياهو" مبنى فضائية الأقصى، ومباني مدنية وهو ما يشير إلى مأزق "نتنياهو"، ولم يعد بمقدوره استهداف رجال المقاومة كون سلاح الأنفاق يستعصي على جيش الاحتلال.
أطاحت غزة بوزير جيش الاحتلال الذي توعد هنية بالقتل خلال 48 ساعة في حال استلامه لوزارة الجيش، وإذا بالـ 48 ساعة في الجولة الأخيرة تطيح بـ"ليبرمان، دون أي أسف عليه، وستطيح قريبا بحكومة "نتنياهو" عبر تفككها.
دولة نووية تملك أسلحة محرمة دوليا مرعوبة من قطاع محاصر ومجوع، كون غزة عرفت المعادلة جيدا، ودفعت ثمنها بالدم، وحصنت نفسها جيدا، فكل عنصر في القطاع من المقاومة يعد بألف جندي، قلوبهم يملؤها الإيمان والثبات، كما قال أحد المستوطنين بأن غزة تحب الموت كما يحرص المستوطنون على الحياة.
شعر المستوطنون حول غزة بأنهم من الدرجة الثانية، ورأينا كيف يهاجم مستوطن وزير الجيش السابق "ليبرمان" وفشل سياسة "نتنياهو" وحربه على غزة، وهو ما يعني خسارة "نتنياهو" جزءا كبيرا من أصوات المستوطنين في الانتخابات القادمة.
المقاومة لم تتفاجأ بشيء بالنسبة لغارات الاحتلال، فالغارات لم تتوقف حتى قبل العدوان الأخير؛ ولكن من تفاجأ هو الاحتلال، بقدرات المقاومة المذهلة بالنسبة لقطاع محاصر منذ سنوات عديدة، بقصف مئات الصواريخ في يوم واحد من المقاومة الباسلة.
التطور النوعي للمقاومة وضربها عسقلان بصارخ مطور، وامتلاكها صواريخ باستطاعتها تدمير دبابات ومصفحات الاحتلال؛ غيّر معادلة التفاوض مع العدو الصهيوني، وكبح جماحه وجعله مترددًا في الاجتياح البري وأصبح من الماضي، وهذا يسجل لصالح المقاومة الباسلة التي فاجأت الجميع بقدراتها.
كذب "نتنياهو" عندما قال إن المقاومة استنجدت بالتهدئة ووقف إطلاق النار، كون المقاومة هي من ردت على فشل علمية خانيونس، وكثافة الصواريخ أربكت جيش الاحتلال، وقال "نتنياهو "إن هناك أمورا لا يستطيع كشفها للجمهور" وهو ما يعني فشلا وتبريرا لهزيمته أمام غزة.
تقرأ بشائر النصر في وجوه عناصر وقيادات المقاومة، وفي وجوه أهالي غزة الذين يواصلون تحديهم لجبروت الاحتلال وإجرامه، وحتى في الضفة الغربية والقدس المحتلة التي أنهكها الاستيطان والتهويد وحملات الاعتقال، ترى المعنويات مرتفعة، فقد أرجعت لهم المقاومة في غزة الثقة بالنفس وقدرتهم على صنع الحدث وهذا باعتراف قيادات الاحتلال.
في جميع الأحوال، ما عادت دولة الاحتلال كما كانت في السابق، حيث كشفت المقاومة في غزة هشاشة وضعف هذا الكيان الغاصب، وهو ما سيدفع دولا عربية وإسلامية للتجرؤ على دولة الاحتلال عما قريب بعد النتائج الباهرة للمقاومة، وسنرى كيف تنحسر دولة الاحتلال وتتقلص قريبا ومن ثم تكنس لمزابل التاريخ.
--