فلسطين أون لاين

​كيف بدأت قصة عذاب ساهر أمان؟

...
غزة - مريم أبو عاصي

بدموع حزن ممزوجة بابتسامة على مقعد في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جلست أم ساهر تداري دمعتها وتنتظر خبرًا يسرُّ قلبها عن فلذة كبدها، تزعجها كلمات من حولها تلك التي تدعوها للصبر وهي تعلم أنه لو لم يكن ابنها خلف قضبان الحديد ما جلست في هذا المكان، وحدها أم الأسير تملك من القوة ما يكفي كي تجادل بحق ابنها، وتخبر الجميع أن قضية ابنها ليست مجرد رقم وحكم وانتهى الأمر، بل قضية الدفاع عن وطن.

فالأسير ذات يوم كان حلمًا وضعته في حضنها، وبنت لأجله طموحات وكانت سندًا له، وهي لم تغضب حين دخل ابنها قاموس التضحية، بل غضبت حين أصبح سؤالًا عابرًا، "فلسطين" تحدثت مع والدة الأسير "ساهر أمان" من سكان دير البلح وسط قطاع غزة.

قالت: "اعتقل ساهر في 2007م على معبر بيت حانون –حاجز إيرز-"، موضحة أنه أصيب في قدمه، وذهب للعلاج في الضفة الغربية، واعتقل، لتبدأ رحلة عذاب ساهر.

منذ اعتقاله، نقله الاحتلال لزنازين التحقيق، وكما أضافت والدته والدموع تترقرق في عينيها: "كان ساهر وما زال يتناول وجبات التعذيب اليومية المتواصلة ليل نهار، فتُعصب العينين بقطعة قماش وتصفد اليدين والرجلين".

"حُكم على ساهر (15 عامًا) لا لشيء سوى أنه يدافع عن وطنه وقضيته، قضى منها 11 عامًا"، قالتها وهي تختنق بالعَبرات وقطرات العرق تنساب على جبينها.

ساهر بالنسبة لوالدته ليس أسيرًا فحسب، لديه طموحات وأحلام كما الجميع، قضى نصف عمره في سجون الاحتلال، فأربعين دقيقة غير كافية بالنسبة لأم ساهر لتطمئن على نجلها، وتسمع أخباره، وتخبره أخبارها، وأخبار زوجته وأبنائه الخمسة، فكل هذا الألم لا ينتهي في أربعين دقيقة. أم ساهر حين تتحدث عن ابنها تُذكَّر الجميع "أن الأسرى ليسوا مجرد جسد تغلق الأبواب عليه، وأن الأسر يجعل أصحابه رجالًا، وأن الأسير لم يستنشق عبير هواء أرضه ووطنه كما يستنشق هواء السجون".