فلسطين أون لاين

​بعد نجاح نموذج قوى المقاومة بغزة

ما المُعوّقات أمام تشكيل غرفة سياسية فلسطينية موحدة؟

...
غزة - نور الدين صالح

لطالما أثبتت غرفة العمليات المشتركة التي شكّلتها فصائل المقاومة في قطاع غزة، قدرتها على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وإدارة الصراع معه بقوة واقتدار، فلماذا لا يندرج ذلك على وحدة القرار السياسي الفلسطيني؟

العمل الجماعي الذي بذلته غرفة المقاومة المشتركة في لجم الاحتلال خلال عدوانه الأخير على القطاع، يستدعي تساؤلًا عن إمكانية إسقاطه على العمل السياسي وأثره في وحدة القرار الفلسطيني، خاصة في ظل حالة الانقسام ومحاولة السلطة التفرد بالقرارات المصيرية للفلسطينيين.

في هذا الإطار يستعبد مراقبان حدوث ذلك في الوقت الراهن، لا سيّما مع اشتداد الخلافات السياسية بين حركتي حماس وفتح.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة د. مخيمر أبو سعدة، أن تشكيل غرفة سياسية مشتركة على غرار غرفة المقاومة في القطاع "أمر صعب" في الوقت الحالي.

وأرجع أبو سعدة في حديث لصحيفة "فلسطين" ذلك، إلى ارتباط القرار بتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام السياسي، إضافة إلى اشتداد ما وصفه بـ"لهجة التحريض والاتهامات المتبادلة من الطرفين".

وعدّ تشكيل غرفة سياسية موحدة "أرقى أنواع التعاون السياسي تقدمًا بين الفصائل الفلسطينية، ولكن هذا الأمر غير متوافر في الساحة الفلسطينية".

وأوضح أنه لدى كل من حركتي "حماس وفتح" منطلقات أيديولوجية وبرامج سياسية تختلف عن الأخرى، "وهو ما يُشكل عقبة أمام تحقيق مسألة غرفة سياسية مشتركة"، وفق تقدير أبو سعدة.

وبيّن أن تشكيل غرفة عمليات عسكرية مشتركة أسهل بكثير من غرفة عمليات سياسية، لا سيّما أن الفصائل في غزة لديها هدف واحد، وهو الدفاع عن غزة والشعب الفلسطيني ككل من عنجهية الاحتلال الإسرائيلي.

ويتفق مع ذلك، الكاتب والمحلل السياسي من رام الله صلاح حميدة، مشيرًا إلى أن توحيد الموقف الفلسطيني تحت إطار قيادة موحدة، كان ولا يزال مطلبًا فلسطينيًّا وشعبيًّا.

استئثار بالقرار

وقال حميدة: "ما يحول دون تطبيق نموذج الغرفة السياسية المشتركة، هو وجود طرف (السلطة) يرغب في الاستئثار بالقرار السياسي الرسمي الفلسطيني، واستبعاد كل من يخالفه".

وأشار إلى عدم وجود إرادة سياسية لدى السلطة لتوحيد العمل السياسي الفلسطيني بشكل جماعي، هو العامل الأبرز لعدم لجوئها لخيار الغرفة السياسية المشتركة.

وبحسب حميدة فإن المطلوب في المرحلة الحالية، هو التنازل عن العزلة السياسية التي تنتهجها السلطة، والتراجع خطوتين للوراء ولم شمل كل الفلسطينيين والتفافهم حول بعضهم بعضًا.

وأكد ضرورة التوجه نحو صياغة إستراتيجية وطنية موحدة، لأن زمن الاستئثار بالقرار الفلسطيني انتهى، والأجدر هو إدارة واحدة للقرار السياسي".

وعدّ حميدة، تجربة قطاع غزة في الغرفة المشتركة للمقاومة "مهمة على طريق توحيد القرار السياسي"، مستبعداً إمكانية تطبيق تلك التجربة سياسيًّا في المنظور القريب.

تجدر الإشارة هنا إلى أن مسألة تشكيل غرفة سياسية مشتركة يُعيد الأذهان إلى وثيقة الأسرى (وثيقة الوفاق الوطني) التي توصل إليها قادة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال في شهر مايو/ أيار 2006.

ونصّت الوثيقة آنذاك، على ضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وانضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي لها، ووضع خطة فلسطينية للتحرك السياسي الشامل، وتوحيد الخطاب السياسي على أساس برنامج الإجماع الوطني والشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية، وهو ما لم يُنفَّذ حتى الآن.