فلسطين أون لاين

الوعي بأهمية الأمن الجاري

...
محمود مرداوي

حادثة خانيونس الخطيرة والتي وُصفت من العدو بالعملية المعقدة وهي كذلك التي أُفشلت؛ حيث إن المعطيات والمعلومات المتوفّرة كبيرة وخطيرة للغاية، وما سيُكشف عنه ربما لاحقاً من خلال التحقيق سيُميط اللثام عن تفاصيل مثيرة، ولكم أن تتصوروا أهداف العملية عندما تعلموا أن وحدة ماجلان تعمل خلف خطوط "العدو" وتقتصر مهماتها على تدمير أسلحته المتطورة في مرابضها ومخازنها، وتصفية أو اختطاف قيادات، أو اختراق منظومة الاتصالات والحصول على معلومات.

وهذه المهمات والأهداف التي شُكلت الوحدة من أجل تحقيقها في 1986 في المئة الفائتة، ولم يُعهد على الوحدة استخدام النساء إلا في حالات استثنائية وخطيرة مع استحضار المشهد وما جرى وما تركت خلفها وما تبقى يفتح أمامنا نافذة تمنحنا رؤية واضحة لخطورة ما كانت تنوي فعله من تخريب وتصفيات توقع الضرر والأثر البالغ على المقاومة وأمنها وقدرتها على أداء دورها وتحقيق أهدافها.

يقظة المواطنين والمقاومين وسرعة التعامل والانتشار وفق الخطة الدفاعية لحماية القطاع أسهمت بإفشال العملية وإيقاع خسائر في صفوف الوحدة.

إن هذا الحدث يدعونا لرفع حالة الوعي واليقظة لدى المواطنين في كل مكان وصعيد وعلى كل المستويات بحيث لا يتردد المواطن في إرشاد الأجهزة الأمنية والمقاومة عن كل حركة غير عادية والإدلاء بالمعلومات عن أي أشخاص مجهولين لم يعتد رؤيتهم في منطقته وحيه وأرضه ، وأن لا يسأم من ذلك، وعلى المقاومة والجهات الأمنية ألا تضجر من مئات أو آلاف البلاغات والاتصالات التي تنتج عن قراءة غير دقيقة أو تشخيص مبالغ فيه.

على الجبهة الداخلية أن تتجنّد لخدمة حماية المقاومة وإسنادها، فلا يعقل أن تعمل شركات في إطار دائرة صلاحيات بلديات دون أن تحصل على أذونات من الجهات المختصة ولا يتم اعتراضها أو مساءلتها عما تفعل، كما لا يُقبل أن تأتي شركة الكهرباء والاتصالات أن تجري عمليات ترميم في المقاسم والخطوط في بلديات أو أحياء دون أن يتم التحقق بشكل مهني دقيق من أنهم فعلاً مهندسو وموظفو شركتي الاتصالات أو الكهرباء أو أي شركة تقوم بخدمات شق الطرق أو أي إجراء ربما يستغل في المستقبل من قبل العدو، تسعى لاختراق اتصالاتنا أو توظيف خطوطنا وطرقنا وشوارعنا لعمليات الاغتيال أو الاختطاف أو التصنت أو الاختراق.

فلا بد من أن تتخذ الإجراءات اللازمة والقرارات الضرورية حتى لا تُوظف بطريقة غير مباشرة لخدمة العدو، في الوقت الذي لا ينبغي الاستهانة بالحواجز المنتشرة وعدم تفهم مبرراتها والصبر على إجراءاتها وبعض التأخير للمواطنين.

كما لا ينبغي للجهات الأمنية أن تبقي رجال الأمن على الحواجز ساعات طويلة وممتدة تؤثر على تركيزهم وقدرتهم على متابعة عملهم بجد ونشاط، والحرص على اختيار رجال الأمن من النوابغ والأذكياء، وأن يُمنحوا الصلاحيات وينتهي عصر الكارنيهات التي تستخدم في الغالب بشكل خاطئ، ولربما تستغل في أمور تمس الأمن، وأن يخضع (الحاج- الشخصية الاعتبارية) لنفس الإجراءات الأمنية مع تقدير المكانة والاحترام، وعدم الاستسلام للعادات والتقاليد في عدم التدقيق بما يؤمن الجبهة وسلامة المصالح الوطنية العليا من مقدرات وقيادات ومؤسسات.

إن لم يتم رفع مستوى الجدية والارتقاء بوعي المواطنين الفلسطينيين ورفع الحس الأمني واليقظة لكل حركة من أشخاص أو أفعال غير اعتيادية، سنخسر وندفع دماً في ظل إصرار العدو على اختراق جبهتنا بكل الوسائل والطرق، فالحوادث التي أُفشلت في السنوات الأخيرة تسلط الضوء على نوايا الاحتلال وإصراره منقطع النظير في معرفة ما يجري والاطلاع على ما يدور، والولوج إلى عقل المقاومة، وتقليب خياراتها وطريقة تفكيرها والاطلاع على معلوماتها وأسرارها وسلاحها ومواقعها وحركة قياداتها ومراكز اتصالاتها، وكل ما يتعلق بأمنها وأمانها.

قاتل الله التقليد في التفكير وحصر الإجراءات الوقائية بشكل وأدوات المحاولات التي كُشفت، لأن العدو يصرّ على المضمون ولا يحصر نفسه بالشكل والطريقة.

قاتل الله الروتين في السلوك والتفكير والاستسلام للمعتاد، والملل من تكرار المشهد، فالعدو في السنوات الماضية انكشف وتم اعتراض كل مخططاته ومؤامراته وكررها وأصر ولا زال لأن المعلومات الاستخبارية تعني له حياة أو موتًا، فلا تكلوا ولا تملوا واجزموا أنه سيعاود، فلا ينبغي في المرة القادمة على أي شكل وفي أي وقت ومن أي مكان عندما يفعلها أن يخرج سالماً.