فلسطين أون لاين

​التكنولوجيا وحماية الأسرة

...
صورة تعبيرية
بقلم / زهير ملاخة

تعتبر الأسرة مكونا أساسيا من مكونات المجتمع التي يربطها عادات وثقافات وأيديولوجيات تميز المجتمع ككل عن باقي المجتمعات.

ولكل مكون من هذه المكونات شكله وصفته وطبيعة العلاقة بين أفراده, فالأسرة تحكمها علاقة المحبة والطاعة والهوية الخاصة, وتعتبر الأسرة الحضن الأول للتربية والتوجيه والبناء العقلي والنفسي لأفرادها.

ولا شك أن أفراد وأشكال المجتمع المتعددة تتأثر بالتغيرات الحضارية والمجتمعية الداخلية والخارجية وهذا التأثير يفرض نفسه ويترك أثرا ملموسا إذا كان هو الأقوى أو في ظل غياب وضعف المؤثرات الأخرى.

ونحن أصبحنا نعيش في ظل توافد الثقافات والقيم الخارجية وصراعها عبر وسائل متعددة مع هويتنا وقيمنا وعاداتنا وثقافاتنا الخاصة الداخلية، وهذا الاحتدام لا بد أن يترك أثرا بالغا إن لم نكن على قدر من الوعي واليقظة والحرص.

ومن ضمن تلك الوسائل التكنولوجيا التي تعتبر عاملا من عوامل العولمة التي تسعى لإذابة خصوصية المجتمعات وإذابة أي حواجز وخصوصيات اجتماعية أو ثقافية لتحقيق أغراض أصحابها.

وللتكنولوجيا بكل صورها المسموعة والمرئية والتقنية أثرها الكبير على تحقيق التأثير العقلي وتغيير كثير من السلوكيات خاصة لدى الافراد المتأثرين بشكل دائم ويتخذونها ملاذا ورفيقا لهم .

واليوم أصبحت التكنولوجيا أو القائمون عليها يقدمونها للمجتمعات بحسب اهتماماتهم الناعمة أو الدرامية أو الكوميدية أو الانفعالية كاللعب بأنواعه وغيرها بالإضافة إلى توفير وتعزيز سبل التواصل الذي قد يؤثر على البعض تأثيرا سلبيا، ويستغل وقت فراغ البعض وأزمات الآخر ونقاط الضعف أو العاطفة عند الجنسين لتحقيق مآرب وأهداف تحرفنا عن أصالة وجمال الهوية الاجتماعية.

ولذلك، ولأهمية ذلك الأثر لا بد أن نعمل كأرباب أسر، وكل حريص على مجتمعه أن يعي خطر ما يهدد المجتمع بكل جوانبه، ولكون الأسرة بأطرافها الأم والأب والإخوة والعائلة ككل هدفا من أهداف الاستهداف، لأنه بقوة ومتانة وحسن تربية وقيم الأسرة تظهر قوة المجتمع، والعكس.

لذلك لا بد لنا أن ننتبه لتلك التكنولوجيا في حياتنا وبيوتنا، ونكون على يقظة دائمة ومراعاة من جوانب متعددة منها :

- تأصيل الثقافة الاجتماعية والهوية الدينية والعربية القائمة على حسن القيم والأخلاق في المعاملة والتربية .

- أن نشكل من أنفسنا قدوة لأبنائنا وأهلنا في تصرفاتنا وسلوكياتنا وصفاتنا .

- أن نبني الثقة بالنفس والإيمان والمسؤولية داخل أنفس أبنائنا تجاه عروبتهم وإسلامهم ومجتمعاتهم .

- الملاحظة الدائمة والتوجيه الدائم واستحضار ما جد من مخاطر لحماية ووقاية أبنائنا من أي تأثر سلبي، ومتابعة الاصدقاء لما لهم من أثر .

- التلفاز والمذياع والانترنت وأجهزة الجوال ووسائل التواصل الأخرى جميعها يجب أن نعي جيدا كيف نبين أثرها ونتجنب سلبياتها ونراعي الحالة النفسية والعقلية لأبنائنا وما يتلاءم معهم في هذا العمر وما ينبغي تلاشيه والحذر منه .

- مراقبة سلوكيات الأبناء بشكل لبق واستخدام الكلمة والأثر الطيب والتعزيز الايجابي حتى يشعر الابن والأسرة بهويتها وذاتها وقوتها وتسلم من أي اثر سلبي قد يصيب أيا من أفرادها تحت مسميات معسولة تخفي السم فيها .

- تفعيل دور المؤسسات المجتمعية الدينية والتعليمية والاجتماعية منها وبيان ايجابيات وسلبيات الوسائل الحديثة .

لذلك فإن الأسرة القوية والمنتجة والأصيلة والمتماسكة والواعية بعنوانها المتمثل بالوالدين والكبار أكثر صلابة وحرصا من الأسر التي قد ينتابها أي انحراف أو ضعف أو تراجع.

كما أن الأسلوب وحسن التربية والمراعاة والمتابعة الدائمة مهمة لاستمرار جمال هذا النمو والغرس، وبالتالي فإن وجود المحبة والحرص والتعاون والتكافل والوحدة وإحياء اليقظة الدائمة وإعلاء قيم العلم والدين والأخلاق كفيل لكل أسرة بأن يقيها من السلبيات والمخاطر.