يؤكد مسؤولو وزارة الصحة في قطاع غزة أن المستشفيات "في حالة استعداد واستنفار" لكل الطواقم؛ رغم محدودية الإمكانات نتيجة الحصار المشدد المستمر منذ 12 سنة، والذي أضيفت إليه في أبريل/ نيسان 2017م، إجراءات عقابية تفرضها السلطة في رام الله.
وألقى عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، سواء عبر القصف أو استخدام العنف ضد المشاركين في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، مزيدًا من الأعباء على كاهل وزارة الصحة التي تؤكد أنها تفعل كل ما في وسعها لتقديم خدماتها للمواطنين.
ويقول مدير عام المستشفيات في الوزارة د. عبد اللطيف الحاج: إنه منذ تصاعد القصف الاحتلالي لغزة، مساء الأحد، واحتمال وصول إصابات، عززت جميع المستشفيات وفي صدارتها مجمع الشفاء الطبي، حالة الاستعداد والاستنفار لطواقمها كافة، بما في ذلك طواقم العنايات المركزة، وتلك العاملة في أقسام الطوارئ والتخدير.
ويضيف الحاج في مقابلة مع صحيفة "فلسطين"، أن لجنة الطوارئ في مستشفى الشفاء تداعت لتنفيذ التوجيهات الأساسية من وزارة الصحة وهي استمرار حالة الاستنفار، وفحص كل مفاصل الاستعداد للتعامل مع الجرحى، وتحديدًا ما يتعلق بالموارد البشرية وكيفية توزيعها إلى فرق عاملة على مدار الساعة برئاسات ومسؤوليات واضحة لكل فرقة طبية، وبأعداد مضاعفة للأعداد الطبيعية.
ويشمل ذلك أيضًا فحص عملية انتقال المرضى على نحو سلس من أقسام الطوارئ إلى العمليات أو الأقسام الأخرى وعمليات إخلاء مرضى إلى مؤسسات أخرى إن تطلب الأمر.
ويشير الحاج إلى أن أحد الأزمات التي يعانيها مجمع الشفاء دائمًا هي امتلاء الأسرة تقريبًا، ولذلك كان هناك حرص على توفير أسرّة فارغة في أقسام المبيت الجراحية والعنايات المركزية بشكل أساسي، وألا تكون غرف العمليات منشغلة كاملًا حتى يتسنى التعامل فورًا مع أي أعداد من الجرحى حال وصولهم، مؤكدًا وجود غرف عمليات جاهزة بطواقمها.
ومن البنود الأساسية في ضمان الجهوزية، بحسب المسؤول في الصحة، تفقد ما يتوافر من أدوية ومستهلكات في مجمع الشفاء الطبي والوزارة عامة.
ويتابع: "حشدنا كل ما لدينا في المخزون ليكون تحت تصرف الطواقم التي تعمل مع الحالات التي قد تصل المستشفى"، مردفًا: "إدارة المجمع حرصت على ضمان وجود مخزون من الأدوية والمستهلكات الطبية ليكفي التعامل مع الأعداد القادمة (حال وصولها) وإذا تطورت الأمور بعد ذلك لكل حادث حديث فيما يتعلق بمدى نفاد الأدوية".
ويؤكد الحاج أن مجمع الشفاء، أكبر مستشفيات القطاع، على جهوزية تامة بإدارته وخطة الطوارئ وتعزيز كوادره البشرية، وأيضًا ضمان بيئة العمل من ناحية أمن المستشفى.
وفيما يتعلق بالكوادر البشرية، يوضح الحاج أن الإنسان مقدم على كل الموارد، مبينا أنه رغم رفض السلطة في رام الله صرف رواتب العاملين في "الصحة" وفرضها العقوبات، فإن الأطباء والممرضين والفنيين والإداريين هم جزء أصيل من شعبهم، وأثبتوا في كل مرة أنهم يقدمون أفضل ما لديهم للمواطنين.
ويذكر الحاج أن هناك نقصًا في بعض الأجهزة الطبية وفقدان بعض وظائفها لعدم توافر قطع الغيار، لكن الوزارة تستطيع رغم ذلك أن تقدم الخدمة "على نحو جيد".
وينبه إلى أن الأدوية والمستهلكات الطبية كانت "الهاجس الرئيس" خلال السنوات الماضية لعدم وجود جهات ضامنة توفرها حال نفادها، قائلًا: إن الوزارة تعتمد على المنح من الحين إلى الآخر و"النزر اليسير" الذي ترسله وزارة الصحة في رام الله.
ولطالما واجهت "الصحة" في رام الله اتهامات بالتخلي عن مسؤولياتها تجاه القطاع، بما يشمل تقييد وصول الأدوية والتحويلات الطبية، لا سيما منذ أبريل/نيسان 2017.
ويلفت الحاج إلى أن مجمع الشفاء هو أكبر مجمع طبي في غزة والضفة الغربية بحجم الأسرة التي لديه والإمكانات التشخيصية وغرف العمليات التي تزيد على 18 غرفة تعمل في وقت واحد يوميًّا وحجم الكادر الموجود، وقد استقبل خلال الأشهر الماضية أعدادًا كبيرة من جرحى مسيرات العودة مقارنة بالمستشفيات الأخرى في القطاع.
ويحاول المجمع، بحسب الحاج، التوفيق بين تعامله مع الجرحى وأداء دوره كمستشفى كبير لديه اختصاصات متعددة ومطلوب منه تقديم خدمات للمرضى الاعتياديين.
ويشير إلى أنه لا يمكن تأجيل التعامل مع الجرحى لأن ذلك سيسبب مضاعفات قد تؤدي لفقدان أطراف أو حياة، لذلك في كل وقت تشتد فيه الأمور بشكل يملأ أسرة المستشفى، يتوقف العمل مباشرة في غرف العمليات الاعتيادية، وتجرى العمليات الطارئة.
ويفيد بأن آلاف العمليات الاعتيادية المؤجلة في قوائم الانتظار، وذلك لمصلحة إجراء العمليات للجرحى.
وأسفر استخدام الاحتلال العنف ضد المشاركين في مسيرة العودة منذ مارس/آذار الماضي عن استشهاد وإصابة الآلاف بينهم مسعفون وصحفيون.
"خطة طوارئ"
من جهته يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة د. أشرف القدرة، أن وزارته مع القطاعات الصحية المشاركة في خطة الطوارئ الصحية، على جهوزيةٍ للتعامل مع التطورات الميدانية كافة التي قد يشهدها القطاع خلال الأيام القادمة.
ويقول القدرة لصحيفة "فلسطين": هناك انتشار كامل لوحدات الإسعاف كافة في مناطق القطاع لسهولة إخلاء أي جرحى.
ويبين أن هناك خطة طوارئ لإنقاذ الجرحى وتحويل الحالات بين المستشفيات وفق ما تقتضيه المصلحة العليا للشعب الفلسطيني.
ويفيد القدرة بأن الخطة تشمل انتشارًا للطواقم الطبية كافة في المستشفيات، واستنفارها على مدار الساعة للتعامل مع التطورات الميدانية.
ويتابع: "لدينا ما يمكننا خلال الأيام القادمة من تقديم الخدمة الصحية بشكل لائق لأبناء شعبنا الفلسطيني؛ إلا أنه إذا استمر العدوان (الإسرائيلي) على قطاع غزة وتوسعت رقعة الاستهداف بشكل مركز للمناطق السكنية كما هو حال الاحتلال في استهداف المدنيين العزل فسنكون أمام مطلب حقيقي للجهات الإغاثية والإنسانية كافة بضرورة تعزيز الأرصدة الدوائية".
ويتعلق ذلك على نحو خاص، وفق القدرة، بالأدوية والمستهلكات الطبية الخاصة بأقسام الطوارئ والعمليات الجراحية والعنايات المكثفة؛ لأن استنزافها سيكون كبيرًا إذا استمر العدوان، وعندها ستكون هناك مطالبات مستمرة للشركاء كافة في المنظمات الدولية أو المؤسسات الإنسانية لدعم المستشفيات بما يلزم.
وفي حين يجدد المتحدث باسم "الصحة" تأكيد قدرة الوزارة على القيام بالواجبات، يشير إلى أن حجم الاحتياج في الوزارة كبير مع الحصار واستمرار التصعيد الاحتلالي، ذاكرًا أن هناك نقصًا في 50% من الأدوية والمستهلكات الطبية، 70% منها يتعلق بأدوية الرعاية الأولية والأمراض المزمنة، و65% منها تتعلق بأدوية السرطان وأمراض الدم.