يحلو لهذه الدولة التي قامت على السادية والإجرام أن تقوم بعدوانها على غزة وقت ما شاءت وكيف ما شاءت، وهذا ليس جديدا ولا يحتاج الى أي تبرير، إذ مذ تبلورت فكرة الصهيونية السوداء وهي تفكر بالإجرام وتمارسه بكل صوره وأشكاله ، لقد كانت فكرة جنونية أن يقيموا دولة في وسط يكرههم، وأن يقيموها بعد أن ينهوا وجود شعب عن أرضه، أن تدمر مدنا وقرى وتطرد أهلها منها لتقيم دولتك على أنقاض غيرك، كم كانت الفكرة جنونية ولا يمكن أن تمر على عقل عاقل لولا أنها جاءت من عقول بشرية لا تمت للروح الانسانية بأية صلة، بل هي مركب من العقد النفسية التي راكمها تاريخهم الأسود، فأية عقدة نفسية لمركب إنسان كان ضحية ومورس عليه الحرق بأفران الغاز، ذاق مرارة الظلم والقهر من النازية الألمانية، وإذا به يتحوّل إلى ذاك النازي ليمارس ما مورس عليه على الشعب الفلسطيني وليصب جام غضبه وحقده على شعب لا ناقة له ولا جمل مما وقع عليهم .
وهو يريد أن يتصرف كما يتصرف جزار مع قطيع أغنام يملكه ، يذبح منها ما يشاء، يتصرف كما يحلو له دون وازع أو رقيب أو خشية من أحد ، ينظر الى الدماء الفلسطينية ويحسبها مباحة له ، يتصرف بالبشر والحجر وكل مكونات هذا البلد كما يريد فهي ملك خالص له ولا يرى أحدا غيره على هذه الارض . من حقه ان يقتل وان يعتقل وان يحاصر وأن يدمر ابراجا سكنية ومدنا ويسوي بها الارض ، لا يرى غيره يحق له أن يكون حيًا أو إنسانا يمارس حياته كبقية البشر .. هؤلاء البشر في غزة لا احاسيس لديهم ولا قيمة للحياة عندهم وهم غير مؤهلين الا للموت والدمار والحصار والتدمير .
في القدس والضفة لا يوجد صواريخ، وهناك من حاول صنع السلام مع هذا المركّب البشري الذي لا يعرف الا الاجرام فماذا كانت النتيجة؟ هل سلم منه البشر والحجر ، هل توقف عن عدوانه وتجاوزاته؟ هل حصل الناس على حقوقهم وعاشوا حياتهم بحرية وكرامة كبقية شعوب الارض ؟ الواقع يقول بان عدوانهم قد استمر وعلى كل مكون من مكونات الحياة الفلسطينية، استمر القتل والاعتقال وتوسع الاستيطان وضاعت القدس في عمليات تهويدها التي لم تتوقف ، وقد كان للأقصى نصيبا اكبر في الانتهاك والتجاوز ما بعد محاولة مسالمتهم، نقوا الحياة الفلسطينية وعاثوا فسادا وانتهاكا بكل جهد قدروا عليه. والسؤال لماذا؟ لان هذا المركب البشري يحمل من العقد ما تؤهله لكل عدوان..هذه هي حقيقتهم التي اسفرت عنها تجربتنا معهم على مدار سبعين عاماً.
لذلك فالوضع الطبيعي جدا أن يفرغ هؤلاء جام احقادهم بين الحين والاخر وهم لا يبحثون عن مبرر الا للإعلام من أجل تسويق عدوانهم، هم يراهنون على تسويق اجرامهم في عالم مجرم لا يعرف الا مصالحه التي تمر عبر البوابة الامريكية فيغضون الطرف عن الاجرام الاسرائيلي حرصا على هذه المصالح ، اما مبادئ وقوانين حقوق الانسان وتحقيق العدالة فتبقى شعارات او حبرا على ورق لا تجد لها طريقا أبدا لان الذي يحكم مواقف هذه الدول المصالح وليس المبادئ. لذلك فالوضع الطبيعي مع هذا المركب البشري الغريب المعجون بالإجرام هو ما يجري في غزة من مقاومة والاعتصام بما لدينا من قوة وجهد.