فلسطين أون لاين

كيف نكتشف مشاكل الطفل في مدرسته؟

...
غزة-صفاء عاشور:

كثيرة هي المشاكل التي تواجه الطالب في المدرسة والتي ربما لا يعرف عنها الوالدان أي شيء، ولكن ببعض الاهتمام والملاحظة منهما، يمكن معرفة إذا ما كان الأطفال يواجهون أي مشكلة في المدرسة ومن ثم العمل على حلها مع المدرسة بعد ذلك.

وهذا ما قامت به بثينة شمالي الأم لأربعة أطفال، كلهم يقصدون المدارس، اثنين في المرحلة الابتدائية، واثنين في المرحلة الإعدادية، والتي فوجئت ببعض التغيرات على ابنتها والتي بدأت مع انتقالها من المرحلة الابتدائية للإعدادية.

وقالت لـ"فلسطين" إن: "بدأت ألاحظ تغيرات على ابنتي في تصرفاتها، وتراجع مفاجئ في مستواها الدراسي، وعند سؤالها عن السبب ترفض الحديث، وهو ما جعلني أتوجه مباشرة إلى المدرسة والحديث مع معلمتها والمرشدة النفسية لديهم".

وأضافت: "وعند سؤال المرشدة أوضحت أن كثير من الفتيات في هذا السن لا يتقبلن انتقالهن من المرحلة الابتدائية للإعدادية، والتي يواجهن فيها الكثير من التغيرات سواء على المستوى الدراسي أو النفسي".

وحول كيفية تعرف الأهل على التغيرات التي تطرأ على أبنائهم، خبير التنمية البشرية د. مؤمن عبد الواحد أوضح أنه مع بدء العام الدراسي يوجد أكثر من مؤشر يمكن من خلاله معرفة عدم ارتياح الطالب في المدرسة.

وقال في حديث لـ"فلسطين" إن: "هناك العديد من العلامات التي تظهر على الأبناء والتي تعكس أنهم يواجهون مشاكل في المدرسة، ومنها عدم رغبتهم بالذهاب إليها، أو تحججهم بالمرض والضعف".

وأضاف عبد الواحد: "البكاء أيضًا أو الطلب من أحد أفراد الأسرة أن يرافقه في الذهاب إلى المدرسة، أو طلب الابن أو الابنة أن تأتي أمها إلى المدرسة أو أبيها للسؤال عنها، وغيرها الكثير من الإشارات التي تقتضي أن تكون الأم والأسرة متنبهة لها وقادرة على التقاطها بمجرد أن يتم إرسالها من أحد الأبناء".

وبين أن انخفاض درجات الطفل في إحدى المواد أو أكثر، وعدم الرغبة في التفاعل مع البيئة المدرسية، وظهور علامات عدم الارتياح والارتباك عندما تذكر المدرسة أمامه، وكذلك رفضه الحديث عن يومه في المدرسة وفي أي شيء قضاه هي من العلامات التي تشير إلى وجود مشاكل عند الابن في المدرسة.

وشدد عبد الواحد على أنه في مثل هذه الحالات يظهر دور الأم والأب القوي في التربية، حيث من الأفضل أن يتم تعويد الطفل على التحدث مع والديه عما يدور في المدرسة، حتى تصبح عادة لديه، وبالتالي يصبح اكتشاف أي مشاكل أمرًا سهلًا فيما بعد.

وأوضح أنه من الضروري أن تصادق الأمهات صديقات بناتهن أو أصدقاء الأولاد، وأن تدعوهم لمنزلها لتتعرف على طبيعة الفتيات والفتيان القريبون من أبنائها، خاصة في مرحلة المراهقة وهي المرحلة التي يكون فيها تأثير الأصدقاء على بعضهم البعض كبيرًا للغاية.

وأكد أن تراجع مستوى التحصيل العلمي وفقدان التركيز في المدرسة وتراجع أو هبوط علامات الطالب كلها مؤشرات خطيرة على مشاكل يمر بها الطالب مع المعلم أو بين الزملاء في المدرسة.

وذكر أنه من الضروري أن يكون هناك متابعة مستمرة وحثيثة من الأم والأب لكل ما يتعلق بشؤون أطفالهم في المدارس، والتعرف على كافة تفاصيل حياتهم، حتى يتمكن الأهل من اكتشاف أي شيء يمر به الطفل في مدرسته بسهولة ودون أن يكون بحاجة إلى الحديث.

ونبه عبد الواحد إلى ضرورة عدم إخافة الطفل عند وقوعه في الخطأ، خاصة إذا كان صغير السن، لأن ذلك سيدفعه إلى التوقف عن الحديث عما يمر به في يومه، وسيصبح اكتشاف المشاكل التي يمر بها في المدرسة أمر صعب للغاية.

وأردف إن: "معاملة الفتاة فيما يتعلق بالحديث عما حصل معها في المدرسة يختلف عن الفتى، فالبنت بمجرد ما أن تدخل البيت تتحدث بكل ما حصل معها تلقائيًا وتخبره لأمها، أما الفتى فيحتاج لأسلوب آخر لحثه على الحديث".

ولفت عبد الواحد إلى أنه من الطبيعي أن تتحدث الفتاة والفتى عما حصل معهم في المدرسة، ولكن إذا لم يتحدثوا فهذا يعني أنهم يعانون من مشكلتين، الأولى: عدم وجود أم أو أب يستمعون لهم، والثاني: هو الخوف من العقاب عند التحدث عما مروا به من مواقف في المدرسة.

وأشار إلى أنه إذا تأخر الوالدان في التعرف على المشاكل التي يمر بها أبنائهم فإن ذلك سيترك عليهم آثارًا نفسية سيئة للغاية قد تستمر على المدى الطويل، ومن أولى هذه الآثار هو عدم تقدير الطفل لذاته والذي قد يستمر معه على مدار حياته.

وتابع عبد الواحد قوله: "كما أنه إذا لم يستمع الوالدان لأبنائهم فإنهم سيلجؤون إلى بدائل أخرى تستمع إليهم، وبالتالي يفقد الوالدان مكانتهم لصالح أطراف أخرى قد تستغل هذه الشيء لإلحاق الأذى بالأبناء دون علم الأهل".

وشدد على ضرورة أن تحتفظ الأم بمكانتها عند أبنائها والقيام بواجبها تجاههم حتى لا تفقد ثقة أبنائها بها، وأن تكون الصدر الأقرب لهم دون السماح لأي أحد بالتدخل في حياة الأبناء الشخصية، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة وكبيرة وسيكون ثمنها غالٍ سواء فيما يتعلق بالأبناء الذكور أو الإناث.