فلسطين أون لاين

"قسام" وقف على ناصية حلمه وقاتل حتى حققه

...
غزة_مريم الشوبكي:

وقف قسام صبيح على ناصية حلمه بالفوز في مسابقة تحدي القراءة العربي، وقاتل حتى وصل بعد كبوتين له، إذ لم يحالفه حظ الترشح للمسابقة في العامين الماضيين، فهو يرى أن الإنسان يحتاج في الحياة فرصة لكي يلمع ويخرج مواهبه الدفينة، وهذه الفرصة أوصلته إلى الفوز بحلمه.

الطالب صبيح (17 عامًا) من مدرسة ذكور كفر راعي في بلدة قباطية بمحافظة جنين حصل على المرتبة الثالثة أفضل قارئ عربي، من بين مليون ونصف قارئ شاركوا في مسابقة تحدي القراءة، التي نفذت في دبي للعام الثالث على التوالي.

كبوتان

طريق الفوز ليس سهلًا، فكيف قطعه صبيح لكي يصل إلى تحدي القراءة العربي، يقول: "منذ انطلاق المسابقة في العامين الأول والثاني شاركت، ولكن لم يحالفني الحظ للترشح، لكني لم أستسلم بل واصلت وتعلمت من التجربتين، وزاد لدي الإصرار على الوصول".

ويضيف صبيح لـ"فلسطين": "الاستعداد إلى المسابقة استغرق عامًا، وخلاله قرأت 170 كتابًا، لخصت منها 50 كتابًا فقط كما هو مطلوب في المسابقة، وكل كتاب قرأته لخصته في تسعة أسطر، وهنا تكمن الصعوبة".

ويتابع: "استطعت تخطي نقاط ضعفي في التلخيص، وكذلك التركيز على الجانب النقدي فيه، وإقحام رأيي في الكتاب ونقدي له".

ويؤكد صبيح أنه قارئ منذ صغره، انتقلت عدوى القراءة إليه من والديه؛ فهما قارئان نهمان، كانا يزودانه بالكتب لكي يقرأها، وبدأ بقراءة الروايات.

لم أتوقع

الوصول إلى التصفيات على مستوى فلسطين والعالم العربي، هل كان متوقعًا؟، يجيب: "لم أكن متوقعًا الترشح مطلقًا، بعد ما خرجت من آثار المفاجأة بدأت التحضير لمواجهة لجنة التحكيم في دبي، لكي أثبت نفسي بين زملائي المترشحين؛ فكلهم جهابذة وعلماء، والمنافسة الشرسة أفضل، لأنها تفجر الطاقة التي بداخلي، وخضعت لامتحانين تحريري وشفهي، وبعدهما رشحت من ضمن الخمسة الأوائل عربيًّا".

في ستين ثانية لخص صبيح مشواره مع القراءة من أول كتاب قرأه حتى آخر كتاب، ردًّا على سؤال للجنة التحكيم، قائلًا: "وجودي هنا هو الإجابة، أنا هنا من أجل القراءة، القراءة حياة، وإن شئت الدقة فالقراءة أكثر من حياة، أتدرون لماذا؟، لأن في الحياة تعيش الحاضر فقط، أما في القراءة فأنت تقرأ في الحاضر لأناس كتبوا في الماضي لتعرف كيف تعيش في المستقبل، لتختصر الأزمنة الثلاثة في آن واحد".

ويشير قسام إلى أن القراءة هي أحد أنواع العبادات، دستور المسلمين القرآن بدأ بـ"اقرأ"، لذا إنها أكثر من حياة، فهي تحولك من بشري إلى إنسان، وتجعل عقلك من العقول العظيمة، العقول العظيمة تتكلم بالأفكار، والعقول العادية تتكلم بالمواقف، والعقول الدونية تتكلم بالأشخاص، أي أن القراءة تجعلك تترفع عن الأشياء البسيطة وتتكلم بالأفكار.

وكان لوالدي قسام الدور الأبرز وبصمة في فوزه، يقول: "الفضل الأكبر يعود لهما، فهما من يدفعانني إلى الأمام في كل مرة لا يحالفني الحظ فيها، يمدناني بالكتب التي شاركت بها في المسابقة، وهما كانا قدوتي لأكون قارئًا".

الإصرار

لضيق الوقت لم يعلن مقدما الحفل المرتبتين الثانية والثالثة واكتفيا بالأولى فقط، وعقب انتهاء الاحتفال أخبروا الفائزين بهما، يصف قسام هذا الشعور: "أصبت بالتوتر، لأنني والثلاثة المرشحين الباقين لم نعرف مصيرنا، وحينما أبلغت بحصولي على المركز الثالث تملكني شعور بالفرحة، وقفت 28 حرفًا عاجزة عن وصفه".

الطالب القارئ ليتوج بلقب بطل تحدي القراءة العربي، ما المميز الذي يجب أن يفعله؟، يقدم قسام "روشتة" الفوز لمن يريده في الأعوام القادمة: "أيقنت من تجاربي الثلاث أن الطالب ينبغي أن يكون لديه جانب نقدي معين، يخرج من دائرة التلقي، له دور في الاستقبال والإرسال، وله رأي فيما يقرأ، ويستشف رأي الكاتب من وراء السطور".

ويواصل: "قوة الشخصية ولغة الجسد تلعبان دورًا مهمًّا نحو الفوز، الثقة بما تقول دون تردد، ناقش وأنت واثق في رأيك".

ويشير قسام إلى أن التجربة علمته أن الإصرار يخلق الأشياء العظيمة، ولا يمكن أن تحصل على أي شيء بسهولة، وعدم النجاح مرة ليس نهاية العالم، فالإنسان أحيانًا يحتاج فرصة لكي يلمع ويخرج ما بداخله من مواهبة دفينة ويبدع.

ويرى قسام أنه سيكون له شأن إعلامي في المستقبل، فتجربة الفوز قربته أكثر إلى الإعلام، لأنه عايش خلاله الأضواء التي جذبته ليحقق طموحه، ويضفي على الإعلام ثقافة استقاها من قراءته الكتب.