فلسطين أون لاين

بشأن مطالب غزة .. هل يماطل الاحتلال أم يذعن؟

...
الاحتلال قادر على المماطلة استنادًا للتجارب السابقة
غزة/ يحيى اليعقوبي:

أبو عواد: الاحتلال تعود المماطلة حتى "الدقيقة التسعين"

شلحت: هناك شبه تسليم لديه بالحاجة للتوصل لتثبيت وقف إطلاق النار

مرت مباحثات وقف إطلاق النار بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي عبر الشهور الماضية بمرحلة كان عنوانها المماطلة من الأخير في الاستجابة لمطالب الفصائل الفلسطينية التي أعلنت عنها منذ انطلاق مسيرة العودة وكسر الحصار في 30 مارس/ آذار الماضي، تخللها زيارات مكوكية من الوسطاء المصريين والأمميين وقطر للقطاع.

وأمام حالة الضغط التي شكلتها مسيرة العودة، إضافة لضغط داخلي على حكومة الاحتلال من المستوطنين، نتجت عوامل تجعل الحكومة هذه المرة غير قادرة على المماطلة والمناورة كثيرًا، وتعجل من استجابتها للمطالب الفلسطينية بتخفيف الحصار، إذ يعتقد مختصان بالشأن الإسرائيلي لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال "حُشر في الزاوية".

لكن استجابة الاحتلال للمطالب لن تكون سهلة، فهو تعود المماطلة حتى الرمق الأخير و"الدقيقة التسعين"، في حين تدرك المقاومة أنها تعيش وضعًا لا تحسد عليه بسبب تشديد الحصار، وإدارة الظهر لها عربيًّا، ما يعني أن الأمور قد تبقى على حالها لعدة أسابيع أخرى في محاولة من الاحتلال إيصال رسالة لجبهته الداخلية أنه لا ينوي الاستجابة كثيرًا لمطالب المقاومة، والفصل بين الهدوء بغزة وما سيقدمه من استجابة لاحقًا، وفق المختص بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد.

وكان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة، كشف لـ"فلسطين" عن وجود تفاهمات شفهية بين الفصائل والمخابرات المصرية تقضي بعودة الهدوء شرق قطاع غزة مقابل تخفيف الحصار.

ولفت أبو ظريفة إلى أنه جرى تخفيف بعض أدوات مسيرات العودة لإعطاء مساحة لتطبيق استجابة الاحتلال، بتخفيف الحصار وإدخال البضائع والسلع من القطاع وإليه، وحرية دخول أموال مشاريع إعادة الإعمار وزيادة مساحة الصيد البحري، إضافة لملف الكهرباء وغيره، "لكن بعيدًا كل البعد عن أي مقايضات بوقف مسيرات العودة أو تراجعها".

خشية واستجابة

ويوضح أبو عواد أن الاحتلال لا يقدم شيئًا إلا عندما يقع تحت الضغط، وبلا شك فإن مسيرات العودة خلال سبعة أشهر أحدثت ضغطًا كبيرًا عليه، تخللها تلويحه بشن عدوان عسكري على غزة.

ويرى أن خشية الاحتلال من حدوث مفاجآت دفعت باتجاه الاستجابة لجزء كبير من مطالب الفصائل الفلسطينية بغزة، مرجحًا بقاء الوضع الحالي بغزة لعدة أسابيع قبل استجابة الاحتلال للمطالب.

ولفت إلى أن الاحتلال أمام معادلة خوف من المواجهة العسكرية، وفي الوقت ذاته سيستفيد من الناحية الأمنية والسياسية إذا توصل لحالة من الهدوء مع حدود قطاع غزة.

وبين أبو عواد أن الاحتلال معتاد عدم تقديم شيء على طبق من ذهب، وقد يماطل بهدف محاولة التخفيف قدر الإمكان من مطالب وشروط المقاومة، وإفراغ هذه القضية من مضمونها، والقول لجبهته الداخلية إنه لا ينوي تقديم الكثير للمقاومة.

ويبدو أن الاحتلال يسعى لإطالة أمد المماطلة، وفق أبو عواد، حتى لا يربط الهدوء على حدود القطاع بما سيقدمه مستقبلًا، بهدف تهيئة الأجواء الداخلية مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية.

واستدرك: "لولا حاجة الاحتلال للتهدئة لما أدخل وسطاء مصريين وأمميين، وذلك نتيجة شعوره بالخطر الحقيقي، والواقع يقول إن خوف الاحتلال من المقاومة وراء سعيه لتثبيت وقف إطلاق النار".

وتوقع أن يكون هناك اتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار، بدءًا من إحداث هدوء على حدود القطاع، وإدخال السولار والأموال، والانتقال فيما بعد لخطوات عامة للاتفاق، بالتوازي مع الانتقال لصفقة تبادل أسرى جديدة.

من وجهة نظر الخبير في الشأن الإسرائيلي د. أنطون شلحت، سيكون هناك تجاوب إسرائيلي مع مطالب المقاومة، رغم وجود بعض التردد في ذلك؛ وهذا عائد لعدم توصل الوساطة التي تقوم بها مصر مع السلطة لنتيجة محسومة، مشيرًا إلى أن التصريحات الرسمية من رأس الهرم في حكومة الاحتلال تشير إلى أنها لا تنوي الذهاب باتجاه عملية عسكرية بغزة، وهذا يعني أنها ستتجاوب مع المطالب.

ويستبعد شلحت في حديثه لـ"فلسطين" تجاوب الاحتلال مع مطالب المقاومة المتمثلة برفع الحصار، وإنما سيتجاوب مع المطالب التي من شأنها تخفيف الأزمة الإنسانية، معتقدًا أن الأمور في "الربع ساعة الأخير" في هذه القضية، وستتضح الأمور خلال الفترة القليلة المقبلة.

عوامل ضغط

وبشأن العوامل التي قد تدفع باتجاه استجابة الاحتلال لمطالب المقاومة، يرى شلحت أن أول تلك العوامل الضغط الداخلي الذي يمارسه المستوطنون بعد تنظيمهم مظاهرات رفعوا خلالها شعارات تتهم حكومة الاحتلال بالتقصير بما يسمونه "الدفاع عن أمن المستوطنات".

وأضاف أن ذلك يشكل ضغطًا على حكومة الاحتلال، التي تعاني أصلًا أزمات داخلية، ويواجه رئيس وزرائها تحقيقات بملفات فساد، خاصة أن هذه الحكومة بالمرحلة الأخيرة بولايتها القانونية، إذ من المفترض عقد الانتخابات الإسرائيلية في شباط/ فبراير القادم، وسط حديث عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة نهاية العام.

وتابع أن معظم الأحزاب الإسرائيلية لا تريد الذهاب للانتخابات و"دولتهم" تخوض حربًا أشبه بحرب استنزاف من خلال مسيرات العودة، مما يدفع باتجاه استجابتها، إضافة لعوامل ضغط أخرى مرتبطة بالدور المصري ودور الأمم المتحدة.

ولفت شلحت إلى أن الاحتلال قادر على المماطلة استنادًا للتجارب السابقة منذ سنوات، وأن الأيام المقبلة ستجيب إن كان يستطيع المناورة، معتقدًا أن هناك شبه تسليم داخل أروقة الاحتلال بالحاجة للتوصل لتثبيت وقف إطلاق النار.