متلاحقة هي التطورات الإيجابية في ملف العلاقات الإسرائيلية الآسيوية، لا سيما القوى الكبرى في هذه القارة، بدءا بالصين، مرورا بالهند، وصولا إلى فيتنام، وقد تكون هناك علاقات أخرى تجري تحت الطاولة مع دول أخرى تفضل أن يكون تواصلها مع الإسرائيليين بعيدا عن الأضواء، على الأقل في هذه المرحلة.
شهدت الشهور الأخيرة تكثيفا في الزيارات المتبادلة بين الإسرائيليين والآسيويين من تلك الدول، وعقدت القمم الثنائية، وصدرت البيانات عن عواصمهم، تشيد بتعاونهم المشترك في شتى المجالات، التي يمكن تركيزها في النقاط الآتية:
- اقتصادياً: عقد الجانبان في الآونة الأخيرة جملة صفقات تجارية ورفعا لمعدل التجارة البينية بمستويات كبيرة، سواء بسبب تحول (إسرائيل) إلى دولة جاذبة للاستثمارات الآسيوية من جهة، أو بسبب أن لدى (إسرائيل) من البضائع والتجارات ما يجعلها قادرة على اختراق تلك الأسواق.
- تكنولوجياً: لم يعد يخفى على أحد القدرات نوعية المتقدمة التي تحوزها (إسرائيل) في المجالات التقنية والتكنولوجية وحروب السايبر، ما يجعلها بوابة لتصدير هذه المعرفة إلى الأسواق الآسيوية، وتجد فيها رواجا كبيرا.
- أمنياً: بين حين وآخر يعلن الجانبان، الإسرائيلي والآسيوي، عن تبادل المعلومات الأمنية والخبرات الاستخبارية، لا سيما لمحاربة القوى المسلحة التي تعد عدوة لهما معاً.
- عسكرياً: وتحديدا الصناعات العسكرية والمعدات القتالية التي دأبت (إسرائيل) على تصديرها للأسواق الآسيوية، حيث تعد جيوش تلك القارة هدفا مفضلا لـ(إسرائيل)، وهي في هذه الحالة تحصل على المزيد من الأموال من جهة، ومن جهة أخرى تفتح أمامها أبوابا جديدة كانت موصدة إلى أمد قريب.
هذه العناوين وغيرها تجعل (إسرائيل) ضيفة مقيمة في العواصم الآسيوية التي تشكل ثقلا سياسيا ودبلوماسيا، رغم أنهما تختلفان في نظرتهما للملف الفلسطيني، ومآلات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالقارة الآسيوية تاريخياً على مدار سنوات الصراع وقفت بجانب الفلسطينيين، أيدتهم في المحافل الدولية، فتحت أمامهم أراضيها، دعمتهم بالمال والقدرات، ما يضع أسئلة كثيرة حول ما يمكن وصفه بالانتكاسة الحاصلة في العلاقات الفلسطينية الآسيوية لصالح (إسرائيل).
ولأن السياسة لا تعترف بالفراغ، فإن غياب الفلسطينيين عن هذه القارة، وعدم تحديث معلوماتهم عنها، ربما أفسح المجال لأن تحل (إسرائيل) محلهم، وتقيم علاقات في أكثر من جانب، كما هو وارد أعلاه، الأمر الذي جعل العلم الأزرق يرفرف على سفاراتها هناك، فيما غاب العلم الفلسطيني عنها.
الاختراق الإسرائيلي للقارة الآسيوية يضع المزيد من المؤشرات على ضعف الدبلوماسية الفلسطينية، وتراجع أدائها، وإهمالها بقاعا جغرافية كانت إلى عهد قريب داعمة أساسية لقضيتنا العادلة سياسيا واقتصاديا، وأحياناً عسكرياً، لكن العالم لم يتوقف عند الفلسطينيين، لأنهم أهملوا هذا الرديف والداعم، فاستيقظوا على أنفسهم، وقد فاتهم القطار الآسيوي!