فلسطين أون لاين

"السطري" طفل وحيد لأبويه بعد خمس بنات

​3 أطفال غزيين تحت الثرى بـ"تهمة صيد العصافير"

...
غزة - نبيل سنونو

يشترك الطفلان عبد الحميد أبو ظاهر ومحمد السطري بأنهما أُنجِبا بعد سنوات طويلة من الانتظار، وأنهما توجها إلى صيد العصافير في المنطقة الشرقية لقطاع غزة بين خانيونس ودير البلح، وارتقيا شهيدين برفقة صديقهما الطفل خالد أبو سعيد.

رسم الغضب نفسه أمس، على وجوه ذوي الأطفال الثلاثة والمواطنين المُحمرّة، في انتظار جثامينهم لمواراتها الثرى، بعد أن قصفهم الاحتلال الإسرائيلي بذريعة مضللة.

بداية الحكاية كانت عندما توجه الأطفال الثلاثة بهدف صيد العصافير، بحسب مقربين منهم، إلى تلك المنطقة التي تقع فيها منازلهم، وتبعد مئات الأمتار عن السياج الاحتلالي الفاصل بين القطاع وفلسطين المحتلة سنة 1948، الذي تتمترس خلفه قوات احتلالية مدججة بالسلاح.

"كانوا متوجهين لاصطياد العصافير عبر نصب الشباك ليلا" على بعد لا يقل عن 300 متر عن السياج الفاصل، والكلام هنا لجارهم محمد أبو محارب (29 عامًا).

سعى الأطفال إلى نصب الشباك حتى تقع فيها العصافير عند الخامسة صباحًا، بحسب "أبو محارب".

وهذه أرض فلسطينية بامتياز محيطة بمنازلهم، لكن على الرغم من ذلك حولت صواريخ الاحتلال هؤلاء الأطفال إلى جثامين هامدة.

والطفل "أبو سعيد" كان يدرس في الصف التاسع الابتدائي, ويقول أبو محارب: إن الاحتلال هدم منزل أسرته خلال عدوان 2014 قبل أن يعاد بناؤه.

في منزل الطفل "أبو ظاهر" أحاطت النسوة بوالدته التي تمكنت من الإنجاب بعد 10 سنوات من زواجها.

بدت ليلة طويلة للغاية دون نوم، تلك التي انتظرت فيها معرفة مصير طفلها، وهي تعاني من الضغط والمرض.

تتساءل "أم أحمد" التي اتشحت بثياب سوداء في حديث مع صحيفة "فلسطين": "طفل بريء لماذا يُقتل بدم بارد؟".

وفي انتظار الوداع الأخير لطفلها، انهالت عليها الذكريات دون أن تسعفها الكلمات إلا للتعبير عن بعض صفاته: "كان في الأول الإعدادي، وشخصيته مميزة، يحب جميع الناس، ويلعب مع الأطفال"، وفضلًا عن ذلك كان يسعى للعمل للمساهمة في دخل الأسرة.

ولم تنسَ أن تلوم العالم ورئيس السلطة محمود عباس قائلة: "لا أحد يسأل عنا.. أبو مازن واليهود والعالم كله يحاصروننا".

"إنه (عباس) يعزي اليهود ولا يعزينا"، تتابع حديثها، موضحةً أن مخصصات الشؤون الاجتماعية لم تصرف لأسرتها منذ أربعة أشهر.

وتطالب أم الطفل الشهيد بتحقيق دولي في استشهاده والأطفال الفلسطينيين الآخرين، مشيرة إلى أن الاحتلال عمل على منع سيارات الإسعاف من إنقاذه.

الانتقام

أما والد الشهيد "السطري" اتخذ موقعه بين المصلين في مسجد قريب من منزله، وقد حبست دموعه تعازي المواطنين.

وُضِعت جثامين الأطفال الشهداء في المسجد، تمهيدًا للصلاة عليها، بحضور رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية، والنائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، وعضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش.

والطفل السطري (14 عامًا) هو الوحيد من الذكور لوالديه، وقد أنجباه بعد خمس بنات.

يدحض والده، في حديث مع صحيفة "فلسطين" مزاعم جيش الاحتلال أن الأطفال الثلاثة كانوا "يحاولون تفجير جزء من السياج الحدودي".

"هذا ادعاء كاذب" يرد بذلك على جيش الاحتلال، مبينًا أن طفله ذهب لينصب شبكة لصيد العصافير، التي تبدو "تهمة" في نظر الاحتلال. ويطالب العالم بملاحقة الاحتلال على جرائمه.

ورغم ذلك، يبدي حماسة عالية للتضحية من أجل الوطن قائلًا: "ابني فداء لفلسطين".

قبل ذلك وبعده، كانت حناجر المواطنين تصدح بمطالبة المقاومة الفلسطينية بالانتقام لدماء هؤلاء الأطفال الأبرياء، وسط هتافات: "لا إله إلا الله، والشهيد حبيب الله".