فلسطين أون لاين

​عايش شعث.. اغتسل بمطر الدنيا استعدادًا للشهادة

...
عايش شعت
غزة - صفاء عاشور

كان هادئًا ومبادرًا وشجاعًا، هكذا وصف عبد الرؤوف شعث ابن عم الشهيد عايش غسان شعث (23 عامًا)، الذي استشهد بعد مشاركته في الجمعة الحادية والثلاثين من مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، في إثر إصابته برصاصة مباشرة اخترقت يده ثم صدره لتستقر في القلب تمامًا.

الشهيد عايش شعث كان السند لأمه وإخوته الصغار بعد وفاة أبيه قبل عام ونصف العام، السند الذي خافت الأم والإخوة كثيرًا من فقدانه؛ لذلك كانوا دائمي التحذير له من استمرار مشاركته في مسيرة العودة الكبرى، وكسر الحصار.

تحذيرات لم يلقِ عايش لها بالًا، وكيف يفعل ذلك وهو الشاب المعروف عنه المبادرة في المشاركة بأي فعالية وطنية، مهما كان الفصيل الداعي لها أو الجهة المسؤولة عنها، فكان يرى أن مشاركته نابعة من حبه للوطن ولفلسطين وليس بسبب انتمائه لحزب أو فصيل بعينه.

ابن عم الشهيد عبد الرؤوف شعث أوضح أن جميع أفراد العائلة من حول شعث كانت دائمًا ما تحاول ثنيه عن المشاركة في مسيرات العودة الكبرى، وتحذره من أنه لو أصيب أو حصل شيء له فإن عائلته ستفقد الكثير خاصة أنه الابن الأول والأخ الأكبر.

وأكد في حديث لـ"فلسطين" أن قيام مثل هذه الفعالية الكبيرة الخاصة بالعودة وكسر الحصار كان من المستحيل ألا يشارك عايش فيها، وهو الذي يشارك فيما هو أقل منها من فعاليات، لذلك كان من الصعب إقناعه بعدم المشاركة بحجة أنه المعيل لأسرته وغيرها من الأسباب.

وشدد على أنه كان دائمًا ما يجادل من يحاول منعه من المشاركة في المسيرة؛ بحجة أنها مسيسة، ولخدمة أطراف بعينها، بالقول إنه يذهب إليها لأنه يقوم بما عليه تجاه الوطن، وأن أي صفقة يعقدها فهي مع الله، وليس مع فصيل وحزب بعينه.

وبين شعث أنه في ليلة الجمعة أي مساء الخميس، كان عايش جالسًا برفقة عدد من الأصدقاء والأقارب في منطقة مكشوفة، وما إن بدأ المطر بالتساقط، بدأ الجميع بالهرب إلى داخل البيوت للاحتماء من المطر، باستثناء عايش الذي بقي جالسًا يتحسس المطر بيده وينظر إلى السماء بعينيه.

وأردف: "لم يستمع لنداءات أصدقائه بضرورة الاحتماء من المطر وتقلبات الجو الذي أصبح باردًا جدًا، وكأنه أراد أن يغتسل من هموم الدنيا بالمطر"، لافتًا إلى أنه في الأيام الأخيرة لعايش كان دائم السكوت، ويطيل التفكير في أمور لم يقُلها لأحد.

ويأتي يوم الجمعة، ويذهب عايش للمشاركة في مخيم العودة شرق خانيونس جنوب قطاع غزة كعادته، ولكنه عاد هذه المرة شهيدًا لتحل الصدمة والمفاجأة على الجميع، فاستشهاد عايش لم يكن يخطر ببال أحد، وكان الكل يتوقع أنه سيعود على قدميه ككل جمعة يشارك فيها بمسيرات العودة.

وأصدرت وزارة الصحة بيانًا أول من أمس الجمعة تحدثت فيه عن طبيعة الإصابات التي تعاملت معها الطواقم الطبية للشهداء والجرحى خلال الجمعة الحادية والثلاثين بعنوان (غزة صامدة لن تركع) ضمن فعاليات مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار.

وبينت فيه أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدمت القوة القاتلة متعمدة لارتكاب مجزرة مع اللحظات الأولى لتجمع المواطنين السلميين في مخيمات العودة شرق قطاع غزة، متابعة: "مما أدى إلى استشهاد خمسة مواطنين، أصيبوا بالرصاص الحي المباشر في الرأس والصدر، إضافة إلى إصابة 232 مواطنًا بجراح بين معقدة وخطيرة بأنواع مختلفة من الرصاص الحي، ومن بين الإصابات 35 طفلًا أو4 مسعفين".