قائمة الموقع

يبيعون للإسرائيليين بلا خجل

2018-10-27T20:42:04+03:00

نقلاً عن الدستور الأردنية

ماهر أبو طير

انخفضت نشاطات مقاومة التطبيع في الأردن إلى حد كبير، مقارنة بالسنوات التي تلت معاهدة وادي عربة، ومع وجود عدة لجان عملت في هذا الإطار على مستوى النقابات، وشخصيات برلمانية وسياسية وحزبية؛ تبدو نشاطات مقاومة التطبيع أضعف مقارنة بسنين سابقة.

هذه النشاطات التي تناولت أوجه التطبيع السياسي والاقتصادي وغير ذلك من أوجه كانت متخصصة إلى حد كبير، وتصدر بياناتها وتقاريرها بناء على معلومات، وربما مرت هذه الجهود بظروف صعبة، لأسباب كثيرة، واستبدل بها في مراحل مختلفة نشاطات من نوع آخر على مستوى شعبي، مثل تلك النشاطات التي شهدناها بشأن صفقة الغاز الفلسطيني الذي ينهبه الاحتلال، واستمرت مدة وسرعان ما تراجعت كذلك، وتوقفت فعليًّا.

مقاومة التطبيع بحاجة إلى إنعاش من جديد، والذي يقوّم ردود الفعل الإسرائيلية، بشأن موقف الأردن من اتفاقية الباقورة والغمر؛ يدرك بكل وضوح أن كيان الاحتلال لا يقبل نصوص الاتفاقات القانونية مع الأردن، التي تتيح للأردن عدم تجديد الاتفاقية، ويبرق برسائل تهديد مختلفة له، وهذا يثبت أن الكيان كعادته يريد أن يأخذ فوق ما له في الاتفاقات، هذا مع اعتراضنا أساسًا على هذه الاتفاقات.

الأمر ذاته تكرر من حيث دلالات السلوك الإسرائيلي في قصة السفارة الإسرائيلية في عمان، وما فعله الكيان من حيث ارتكاب الجريمة، وخروج القاتل، والمماطلة طوال شهور في الوصول إلى حل، القصة لا علاقة لها مباشرة بمقاومة التطبيع، لكنها تؤشر على الروح ذاتها التي تتملك الإسرائيليين في إدارة العلاقات مع غيرهم، وهي روح قائمة على مبدأ الاحتلال والتسلط والفوقية والأنانية، والاعتقاد أن كلًّا يجب أن يتبعه ويرضخ له، في الأزمات وغير الأزمات.

لا يمكن أمام كل هذه المؤشرات، وغيرها من مؤشرات خبرتها شعوب المنطقة بشأن الاحتلال الإسرائيلي، وما يمثله من خطر إستراتيجي؛ أن نتعامى عن تطورات ملف التطبيع، خصوصًا مع العمليات التجارية، وتدفق آلاف السلع، والتجارة التي تقدر بمئات الملايين سنويًّا، إن لم يكن أكثر، إضافة إلى عمليات البيع والشراء، وقد قرأنا قبل أيام كيف أن نصف كميات الزيت المصدر خارج الأردن يذهب إلى تجار إسرائيليين، يعيدون أساسًا إنتاجه ليصبح مطابقًا للمواصفات الأوروبية، ويباع بأضعاف سعره الذي بيع به للإسرائيليين، إضافة إلى سرقته إذ لا يباع على أنه زيت أردني، بل زيت إسرائيلي، فوق التسبب برفع أسعاره هنا في الأردن، ومساعدة الاقتصاد الإسرائيلي على النمو، فوق الشعور الوجداني الجارح حين نرى من يبيع زيت الأردن، وزيتونه إلى مثل هؤلاء البشر.

لقد آن الأوان أن تنهض الجهود لمقاومة التطبيع مجددًا، في إطار المؤسسات القائمة، من إعلام ونواب وأحزاب، وغيرها من مؤسسات عليها واجب صون الأردن، وعدم التفريط بسلامته، والتراخي في هذه المجالات سيؤدي إلى نتائج وخيمة، أقلها الخروقات التي نراها كل يوم، والخروقات التي سوف تتزايد، خلال السنين المقبلة، وهو أمر لا يجوز السكوت عنه، ولا التهاون فيه أبدًا.

--

اخبار ذات صلة