فلسطين أون لاين

​هل التعايش حلٌّ ناجع لمواجهة المشاكل الزوجيّة؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

الخلافات ملح الحياة الزوجية، فالأمر لا يخلو من بعض المشاكل من هنا أو هناك، ولكن ليس كل شريكين يحسنا مواجهاتها، أو التعامل معها بحكمة وروية، لذا تصبح علاقتهما على المحك بسبب تراكمها، وعدم الوصول إلى حل ينهيها.

وحينما تصل المشاكل إلى ذروتها، وتشكو الزوجة إلى أهلها مثلا، أو صديقاتها، يقابلونها على سبيل النصيحة كما يظنون "تعايشي مع مشاكلك، فالجميع لديه مشاكل ليس أنتِ فقط"، فهل يمكن فعلا التعايش مع الخلافات أو التنازل لكي يسير المركب وتخسر الزوجة نفسها.


مفتاح الشخص


الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة قالت إن الخلافات والمشاكل بين أي شريكين أمر طبيعي، ولكن ليس من الطبيعي أن تتطور لتؤثر على حياتهما الخاصة وأبنائهما.

وأضافت السعايدة لـ"فلسطين" إن تسعة أعشار الحكمة في التجاهل، والتماس الأعذار، وحينما تحتد الخلافات ليس بالضرورة أن يُكون للشريكين ردود فعل عنيفة للمشكلات؛ خوفًا من تطورها، وتصل إلى الاعتداء، والانفصال، وتدخل الأهل.

وبينت أن لكل شخص مفتاح، أي اختيار الوقت المناسب لمحادثة الطرف الآخر عن المشاكل بروية لكي يصغي جيدًا، وهذه الأوقات مهمة لفض أي ثغرة وإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف.

ودعت السعايدة الشريكين إلى تذكر الأمور الايجابية للطرف الآخر، والمصارحة والمكاشفة أولًا بأول حتى لا تبدأ مكانة الشريك بالتغير، والتي تبدأ معها حالات الطلاق العاطفي، ومن ثم الطلاق في أروقة المحاكم.


الثقة هل تعاد


وأكدت أن عنصر الثقة مهم في حياة الشريكين، فمن الممكن أن يكون مفتاحًا لحل المشكلات، ومن الممكن أن يكون بابًا لجلب المشاكل، مشددة على ضرورة المحافظة على قدسية العلاقة الزوجية، وعدم جعلها مشاعًا أمام الآخرين بالحديث عن تفاصيل الحياة لهم.

وحذرت الاختصاصية النفسية من تدخل الأطراف الخارجية في حياة الشريكين، إلا في حالة وجود بعض الأشخاص الثقات الذين لن يسببوا الضرر لهما، مع مراعاة عدم التدخل إلا في الضرورة القصوى.

وعن امكانية إعادة بناء الثقة التي فقدت بين الشريكين، أجابت: "واقعيا بناء الثقة من جديد ليس سهلاً، ويحتاج إلى بذل جهد كبير وفرصة ثانية، والصدق أساس العلاقات الناجحة، وأقصر الطرق لحل الخلافات، وإظهار حسن النية والمبادرة في ترميم الفجوة في العلاقة بين الشريكين".

وبسؤالها: "هل تقديم المرأة التنازلات دائمًا والتعايش مع المشاكل كما يرى المجتمع حل ناجع للخلافات مع زوجها؟"، أشارت السعايدة إلى أن كثير من النساء تعتقد أن السكوت الحل الأنجع لمواجهة المشكلات، وعلى العكس تمامًا، فهو يميت الصورة المثالية المفترض أن تكون عليها العلاقة بين الشريكين، ومن يعتاد على تقديم التنازلات يتنازل كثيرًا، وهذا لا يعيد العلاقة لطبيعتها.

التعايش

وأكدت أن التنازل بحكمة أحيانًا يكون لصالح الشريكين، ولكن التنازل الدائم يأتي بآثار سلبية.

ونبهت السعايدة إلى أن التعايش مع المشكلات نمط سلبي، ومن الممكن ممارسته لمدة من الوقت تقديرًا للشريك، وهنا يعد نمطًا ذكيًّا، ولظروف استثنائية وبمجرد زوال هذه الأسباب ستعود الأمور لطبيعتها.

ونصحت الزوجة ألا تنسى نفسها في معترك الحياة، وألا تجعل زوجها وأبنائها محور حياتها، بل عليها أن تشغل نفسها بأمور تسعدها وتستعيد ثقتها بنفسها، وتطور من نفسها أيضًا، فوقت الفراغ القاتل يكون أحيانًا مدعاة للخلافات، لذا حينما تكوّن لنفسها شخصية مستقلة لها اهتمامات تجعلها من الشخصيات الجديرة باحترام الزوج ومدعاة للفخر والتباهي أمام الآخرين.

ودعت الاختصاصية النفسية الشريكين بتحييد الأبناء عن الخلافات حتى لا تهتز مكانة الأبوين في أعينهم.

ولفتت إلى أن كلا الشريكين عليهما فتح صفحة جديدة من خلال التناسي بقرار نابع من الداخل، حتى تستمر حياتها نحو الأمام، وعدم البكاء على الأطلال، والنبش في الخلافات القديمة، وتصيد الأخطاء.