فلسطين أون لاين

​آفات الحسد.. كيف تنتهي؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ جهاد أبو راس:

تحتاج بعض الأمور في حياتنا إلى علاجٍ جذري، حتى لا تتفاقم الهواجس الخطأ وتسيطر على أيامنا كلها، وتتغلغل في أذهاننا، مخلّفةً في رؤوسنا شوائب ورواسب، تبقى عالقةً أبد الدهر في مخيلتنا ترفض المغادرة.

ففهمنا الخطأ للتحذيرات الربانية، أو أوامره سبحانه؛ يضعنا في دوامة الحيرة والتساؤلات التي لا تنتهي، وعدم تعمقنا الصحيح في تحليل وتفسير الآيات القرآنية؛ يوقعنا في فخ التصرفات غير المقبولة والمبالغ فيها أحياناً, فإنَّ من أبشع الأمور التي قد نصادفها ربط كل الأحداث المصيرية في العالم سواء الفردية أو المجتمعية بالحسد والعين والسحر، وعن ذلك تحدث أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في كلية أصول الدين بالجامعة الاسلامية د. محمود الشوبكي لـ "فلسطين".

وقال د. الشوبكي: "إن الحسد ورد في القرآن وهذا يؤكد وجوده"، مبينًا أن الحسد ثلاثة أنواع، وهي: من تمنى زوال النعمة عن المحسود، أو تمنى انتقال النعمة من الحاسد إلى المحسود، أو تمنى عدم زوال النعمة عن المحسود وأن يكون للحاسد مثلها، وهذا مسنون وهو من باب "الغبطة المحمودة".

أما تمني زوال النعمة عن المحسود –وفق قوله- فهذا من المحرمات, والحاسد لا ولن يفلح في الدنيا ولا في الآخرة لقوله تعالى: "ولا يفلح الساحرون", مشيرًا إلى أن السحر يكون إما بالاستعانة بالجن لزوال النعمة عن المحسود، أو يكون بالعين وهو أن يكون أوتي الحاسد قوة إبصار شريرة.

ولفت إلى أن الذي يتعامل مع الجن ويسحر الناس أفتى العلماء بقتله, حيث أرسل عمر بن الخطاب لعملائه في الأمصار: "اقتلوا كل ساحر وساحرة"، "وحد الساحر ضربه بالسيف".

وأضاف: "مع إيماننا بوجود السحر إلا أنه يجب علينا الاعتقاد أن السحر والساحر لا يضران إلا بإذن الله تعالى", موضحًا أنه يمكن دفع الضرر بكمال التوكل على الله تعالى، والاستعانة بالله على ذلك، والدعاء، وتلاوة القرآن، وخاصة آيات دفع السحر، وآية الكرسي، والفاتحة، والمعوذات.

وأكد الشوبكي أنه على المؤمن ألا يوقف حياته على كلمة "محسود"، وألا يخشى الحسد لدرجة الهوس والاضطراب في جميع شؤون الحياة, إضافة إلى أنه على الناظر إلى نعمة أخيه قول "ما شاء الله"، "تبارك الله" دائماً, وأن يدعو له بحفظ النعمة لما صح في الحديث "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، فالإنسان يحب بقاء النعمة عليه وينبغي أن يحب ذلك لأخيه أيضاً.

وأخيراً أوضح أنه وإن كانت العين تذهب بالرجل إلى القبر وتدخل الجمل القدر, إلا أنه لا يكون في ملك الله إلا ما يريد، فلا نريد أن نعول كثيراً على الحسد، ولا يصح أن نربط كل مكروه بالحسد, بل علينا أن ندفع الضرر والأذى عن أنفسنا، ونرضى بقدر الله ونعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.