السؤال يدور حول زيارة إسماعيل هنية لمصر مؤخرًا قادمًا من قطر. هنية التقى في زيارته بعدد من المسؤولين من بينهم وزير المخابرات العامة على ما أرجح. اللقاءات جيدة ومهمة وربما تبعث أملًا جديدًا في العلاقات وأملًا عند المواطنين في غزة. اللقاءات ربما تناولت ملف المصالحة، وملفات أمنية، تتعلق بالحدود، وتبادل الأسرى مع العدو، ومعبر رفح، والتسهيلات المصرية التي وعدت بها مصر رجال الأعمال، فضلًا عن ملفات الكهرباء، والمنطقة التجارية الحرة، والعلاقات الفصائلية.
لقد ذكرت صحيفة "الجريدة" الكويتية، أن مصدرًا مصريًا مطلعًا رجح ترتيب لقاء برعاية مصرية بين نائب رئيس المكتب السياسي في حماس إسماعيل هنية والقيادي الفلسطيني النائب محمد دحلان الموجودين في القاهرة حاليًا، خاصة وأن الأخير له نفوذ كبير في قطاع غزة، الذي تسيطر عليه "حماس"؟!
ولست مع الجريدة الكويتية، ولا مع مصدرها المطلع، ولا مع ترجيحها، لأن التقدم في العلاقة بين مصر وحماس نسبيًا لا يقوم على خصومة بين مصر ومحمود عباس، وتقدمه الجريدة على أنه محاصرة لعباس والبحث عن البديل؛ لأنه خرج قليلًا أو كثيرًا عن بيت الطاعة المصري؟!
أنا أرجح عدم اللقاء بين دحلان وهنية في هذه المرحلة، وربما تهتم مصر بالزيارة من زاويتين، الأول ضبط الحدود، ومنع داعش، ومتعلقات هذا الأمر. والثاني منع غزة من الانفجار، ومنع التهريب، وتشجيع أمور تجارية وعدت بها مصر مؤخرًا وفود (عين السخنة)، وربما تطلب مصر لقاء وفد من حماس والقسام من غزة في وقت لاحق، لأمور تتعلق بالأمن، والأسرى، فمن المرجح أن (إسرائيل) قد طلبت مساعدة مصر في هذا الملف، وحماس فيما أحسب تقبل بالدور المصري الذي سبق أن قبلت به وأثنت عليه في صفقة وفاء الأحرار (شاليط).
ومن المعلوم أن مصر أثنت على دور حماس في مواجهة تطرف داعش، وفي ضبط الحدود، وهو عمل تقوم به حماس أيضًا من أجل المحافظة على الاعتدال والاستقرار في غزة، فحماس حركة وسطية معتدلة لا تعرف التطرف، ولا تقبل بالمغالاة، وهي تراقب بشكل عملي ما يجري في دول الجوار وخاصة سوريا والعراق وليبيا.
نعود إلى الأمل، فمن ما لا شك فيه أن الزيارة ولدت أملًا بين سكان القطاع في خضم المعاناة والحصار، وهم يستبشرون خيرًا بزيارة قادة حماس لمصر وترطيب الأجواء، وتطبيع العلاقات، لتحقيق مصالح مصر وسكان قطاع غزة في ظل هذه الظروف المعقدة، أو قل بالغة التعقيد. وكلما قابلني أحد من المواطنين يسألني بشكل مباشر عن الزيارة وعن الأمل الذي نتحدث عنه.
إن ما قالته الجريدة الكويتية في مقالها: "إن مصر طلبت من "حماس" تسليم 20 شخصية من العناصر التكفيرية الموجودة في غزة، والتي شاركت في عمليات إرهابية ضد القوات المصرية في سيناء"، هو نوع من التحريض تقوم به ربما الجريدة، أو هو تسريبات غير مسئولة لخلط الأوراق، فليس في غزة واحد شارك في عمليات ضد القوات المصرية؟!
المقاومة الفلسطينية مجتمعة، فضلًا عن حماس تمنع هذا، وترفضه رفضًا تامًا. والحدود المصرية مع غزة منضبطة أمنيًا بشكل كامل، وتنفق الداخلية في غزة نفقات عالية على ذلك رغم شح الموارد المالية، وعدم تلقي مساعدات من أحد.