قال الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض شون سبايسر في بيان صحفي: "نحن في المراحل المُبكرة جدًّا من مناقشة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس".
وحسب ما ذكرت القناة العاشرة إن الرئيس الأمريكي وعد نتنياهو بمناقشة نقل السفارة في الوقت المناسب، حتى إن البيت الأبيض أكَّد مساء الإثنين الماضي أن ترامب لم يتخذ بعد قرارًا بشأن نقل السفارة من تل الربيع إلى القدس.
ويعلم القاصي والداني أن لهذا النقل _إن تحقق_ عواقب خطيرة بل كارثية على مجمل المنطقة، هذه الانعكاسات هي التي منعت حتى اللحظة تنفيذ هذه الخطوة "الجهنمية".
صحيح أن الرئيس الأمريكي أعلن في غير مَرّةٍ عزمه على القيام بهذا الإجراء، بالوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وهي مغامرة غير محسوبة، وغير مسبوقة في تجاوز قرارات الشرعية الدولية التي صوتت معها واشنطن في مجلس الأمن، وفي الجمعية العام للأمم المتحدة.
وهذا القرار إن نفذ فسيكون استفزازًا فظًّا للعديد من الدول العربية والإسلامية التي تعنيها هذه الخطوة، لما للقدس من أهمية دينية عَقَدِيَّة تضعها جميعًا في الزاوية أمام شعوبها، وسيصب الزيت على نار أتون الأوضاع المتأزمة فيها، خاصة أن الحريق لم يزل تحت رماد ثورات تستمر فُصولًا في الكثير من الأقطار العربية.
إن خطورة هذا التوجه الأمريكي ليست وليدة اللحظة، وإنما هي نتاج تراكمي لمسيرة الدعم غير المحدود من الولايات المتحدة لكيان العدو، التي لم يستوعب آثارها المدمرة "قيادة رام الله" التي مازالت تضع كل أوراقها التفاوضية في السَّلّةِ الأمريكية، وهي تجرب المجرّب، مع الركلات التي لم تتوقف فصولًا لنهج هذه السُّلطة السادِرة في غيّها تفاوضًا مع العدو برعاية واشنطن مربط الداء والبلاء.
وليعلم الجميع أن السلطة في المقاطعة برام الله المحتلة لم توقف التفاوض فوق وتحت الطاولة مع كيان الاحتلال، وأن واشنطن هي حتى الغد "مَربط خيل" عباس، ولا صِحّة للتصريحات التي تصدر هنا وهناك كقنابل دخان ومناورات بليدة للاستهلاك المَحلّي.
وإن الجميع سَمِعَ ورأى التصريحات المتكررة للرئيس عباس، التي يؤكد فيها بكل "الفخر" منح حلفائِهِ الجدد غربي القدس المحتلة ليكونَ عاصمتهم على أن يكون شرقي القدس المحتلة عاصمة دولة فلسطين العتيدة.
وهنا إن الرئيس عباس يَمنحُ بـ"كَرَمِهِ الحاتمي" جزءًا عزيزًا ومُقدَّسًا من الوطن لعدو نازي دموي مستوطن وغير شرعي، في الوقت الذي يَرُد عليه الغزاة المحتلون الصهاينة بكل صلافِة وغطرسة القوة وكبر وعنجهية الدنيا أن القدس كلها شرقها وغربها عاصمة واحدة موحدة وأبدية لدولتهم الغاربة _إن شاء الله_ عن قريب.
وعباس يُلَوّح باتخاذ إجراءات إذا نقلت السفارة إلى القدس، وهو يتمنى على الولايات المتحدة ألا تفعل ذلك.
لقد هدد "أبو مازن" بوقف التفاوض الذي يديره من وراء الشعب الفلسطيني وقواه الحيّة جميعًا منذ أكثر من عقدين من الزمان، دون أن يلتزم بذلك، ولو مرّة واحدة، وكان يُهدد دومًا: "على (تل أبيب) الاعتراف بأن مرجعية المفاوضات هي قرارات الشرعية الدولية، وتحديد أجندة زمنية قريبة للانتهاء منها، مع تجميد فوري ومُعلن للاستيطان".
"دولة" المستوطنين في فلسطين المحتلة أدارت له الظهر وهي تتابع حتى الغد استيطانًا يتسارع مع ترامب، والأرض تضيع والمقدسات تُدنس وتصادر وقد تُهدم من أساساتها، وعباس يَجني الثمار المُرّة لسياسةٍ كارثية زرعها باتفاق أوسلو الذي هندسه، مُعتزًّا بأن المستوطنين كانوا ليلة 13 أيلول 1993م ميلادية لا يزيدون في الضفة وشرقي القدس وقطاع غزة في حينه على 65 ألف مستوطن، وهم اليوم يزيدون على 850 ألفًا من قطعان سوائب اليهود المستوطنين.
نقل السفارة من تل الربيع إلى القدس المحتلة إن حدث فسيواجههُ الشعب موحدًا خلف مقاومته وقيادته الحيّة المجاهدة، مدعومًا بأمتهِ العربية والاإسلامية وكل أحرار الدنيا.
الشعب يرى ما يجري ويتابعه من كثب، ولديهِ الرد الأكيد الناجع والحاسم.