فلسطين أون لاين

"جود من الموجود"تعزيزٌ للهوية الفلسطينية وإحياءٌ للتراث

...
القدس المحتلة / غزة - هدى الدلو

من قلب مدينة القدس انطلقوا بمبادرة شبابية تحت اسم "جود من الموجود"، لتجمع تحت رايتها معظم المدن الفلسطينية بعاداتها، وتراثها، وزيها الفلسطيني، في إطار حاضنة ثقافية وحيز مكاني واحد اختاروه ليكون في القدس، إذ سعى القائمون على المبادرة الشبابية إلى تعزيز الهوية الفلسطينية الجامعة للثقافة الموحدة في العاصمة المحتلة، وإعادة إحياء التراث الفلسطيني الخاص بكل مدينة فلسطينية لتعريف الأجيال المتعاقبة أهم ما يميزها من مطرزات، ومأكولات وأدوات تقليدية.

رؤى تفاحة، طالبة لغة إنجليزية بجامعة القدس في السنة الرابعة، تبلغ من العمر عشرين عامًا، من مدينة القدس، وهي صاحبة فكرة "جود من الموجود"، وإحدى منسقات المبادرة، وقد نفذت المبادرة بالشراكة مع مؤسسة الرؤيا الفلسطينية والكنيسة الدنماركية، بدعم من الاتحاد الأوروبي، وكذلك مع مجموعة البهاء الشبابية.

قالت: "ما دفعنا إلى إطلاق المبادرة شعورنا بمحاولة الاحتلال الدائمة لدثر ما في بلادنا من خيرات، وطمس كل معالم التراث الشعبي، على المستوى الاستهلاكي كالمأكل والمشرب والملبس وأيضًا الحرف، أيضًا أردنا إثبات وجودنا الفلسطينيين في القدس، وتأكيد مركزية القدس بين المدن الفلسطينية وأنها عاصمة فلسطين".

وجاءت تسمية المبادرة "جود من الموجود" من الأمثال الشعبية التي هي أيضًا جزء من التراث، أضافت تفاحة: "وقد اخترناه لإحياء هذا المثل الشعبي، ولأنه ينطبق على ما نفذناه في المبادرة وعلى الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه منها".

وتابعت: "فإذا نظرنا إلى معنى هذا المثل ونظرنا إلى مهرجان (جود من الموجود) نرى مدى توافقهما، إذ يوجد في بلادنا كل شيء من الخيرات، فلماذا ننظر إلى الخارج ويوجد لدينا كل شيء؟!، هذا ما حاولنا التركيز عليه في بازار (جود من الموجود)".

وبينت أن من الأهداف التي سعوا إلى تحقيقها كسر الحواجز التي اختلقها الاحتلال بين المدن الفلسطينية، وإفساح المجال للناس للتنقل بين المدن دون حواجز، وجمع المدن الفلسطينية بمكان واحد، وإحياء التراث الفلسطيني، وتعريف الناس المدن الفلسطينية، وماذا تشتهر كل مدينة من مأكولات، أو حرف، أو لباس تقليدي.

وأضافت تفاحة: "إن فكرة المبادرة تقوم على تجسيد حدث ثقافي في القدس، وإقامة سوق شعبية تظهر كحاضنة ثقافية واجتماعية لمجموعة واسعة من المدن الفلسطينية في كل زواياها، حيث تجد حلويات مدينة نابلس، والأشغال الخزفية والفخار التي تشتهر بها مدينة الخليل، والأزياء التراثية التي اشتهرت بها مدن غزة، وجنين، ورام الله، والقدس وباقي مُدننا الفلسطينية".

ولفتت إلى أن هذه المبادرة الثقافية استمرت مدة يومين، تخللهما إقامة سوق شعبية، جمعت العديد من الزوايا التراثية والثقافية التي تنوعت بين المنتجات الحرفية والمطرزات والمأكولات، إلى جانب زوايا التصوير التراثية، وشملت المبادرة أيضًا سلسلة من العروض التراثية، وزوايا ترفيهية خاصة بالأطفال تضمنت العديد من الألعاب، والفعاليات التفاعلية.

وأشارت تفاحة إلى أنهم روجوا المبادرة بأكثر من طريقة، منها ملصقات علقت في الشوارع، ونشر فيديو تعريفي بالمبادرة، من طريق مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد واجهتهم العديد من المشاكل، فمنذ ثمانية أشهر يعملون من أجل إنجاح هذه المبادرة، ومن المشاكل اختيار مكان في القدس لتنفيذ المبادرة، فأغلب الأماكن تابعة لبلدية الاحتلال، وأيضًا استيفاد التجار المشهورين بالحرفة المعينة التابعة لهذه المدينة، "فلم يستطع فريق المبادرة إدخال هؤلاء التجار إلى القدس لعدم حصولهم على التصاريح"، وفق قولها.

ولن تتوقف المبادرة التي انطلقت عند هذا الحد، بل سيعملون على نقل المهرجان إلى جميع المدن الفلسطينية، وإيصال رسالتهم إليها، "فالانطلاقة كانت من العاصمة وسوف تنتقل إلى جميع المدن، فالفلسطينيون كلهم جسد واحد ولا حواجز أو حدود تفرقهم"، هذا ما يؤمنون به.

وتطمح تفاحة إلى أن تنعم ببلد محرر، وأن تعيش في دولة بلا حواجز أو قيود تفرض عليها، وتستطيع التنقل فيها دون أي حاجز.

يذكر أن مبادرة "جود من الموجود" هي واحدة من خمس مبادرات تنبثق من مشروع حراك والبرنامج التدريبي الخاص بالشباب، إذ تركزت تدريبات المشروع للشباب والشابات من سكان القدس على ماهية المبادرات، وإستراتيجية تشكيلها تبعًا للمشكلات الاجتماعية، والسياسية والاقتصادية، التي تتطلب تسليط الضوء عليها في المجتمع المقدسي، إذ عملت كل مجموعة من المجموعات المشاركة في المشروع على تطوير الفكرة إلى مبادرة مجتمعية في القدس.