"لقد خرجنا من قبور الموت إلى الحياة مجددًا" يقول الأسير المحرر منصور ريان، واصفًا بكلماته هذه فرحته بتحرره في صفقة "وفاء الأحرار"، في الذكرى السابعة لإنجازها بوساطة مصرية.
ويضيف لصحيفة "فلسطين": "إنها ذكرى جميلة جدًّا، لن أنساها مطلقًا، يومها خرجت من العتمة إلى النور، بعد أن كنت بلا أمل في أن يطلق سراحي".
وبموجب الصفقة المبرمة على مرحلتين: في تشرين الأول (أكتوبر)، وكانون الأول (ديسمبر)، من عام 2011م، تحرر 1027 أسيرًا وأسيرة، غالبيتهم من أصحاب الأحكام العالية.
وفي المقابل استعاد جيش الاحتلال جنديه جلعاد شاليط، بعد أكثر من خمس سنوات قضاها أسيرًا لدى كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، التي أسرته في عملية "الوهم المتبدد"، مع فصائل مقاومة، من داخل موقع عسكري، شرق مدينة رفح، في جنوبي قطاع غزة.
وكان ريان واحدًا من المحكوم عليهم بالمؤبد مدى الحياة، إثر عملية فدائية نفذها في تسعينيات القرن الماضي، وقتل فيها مستوطنًا وزوجته في المنطقة الصناعية "بركان"، داخل مستوطنة "أريئيل" القريبة من مدينة سلفيت، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وسارع إلى الانسحاب بسلام بعد قتل المستوطنين والاختفاء عن أعين الاحتلال، لكن جنوده اعتقلوه بعد أسبوع من تنفيذ العملية، إثر سقوط السكين التي استخدمها في طعن المستوطنين، والتعرف إلى بصماته، ولاحقًا أصدرت محكمة احتلالية عليه حكمًا بالسجن بعد شهر كامل من التحقيق.
ومارس السجان الإسرائيلي على الأسير آنذاك أساليب التعذيب والضغط النفسي، كما يفعل بالأسرى في مختلف السجون المنتشرة بالأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948م.
لكنه أمام ذلك لم يستسلم، وقرر مواصلة تحصيله الأكاديمي، فخاض التعليم للحفاظ على مفاهيمه ومبادئه لإدراكه عقلية الاحتلال، واستطاع أن يحول أسره إلى أكاديمية تعليمية أثارت حنق السجان وغضبه.
"لقد تعلمت من الأسرى كيف أتحدى إدارة السجون حتى أستطيع العيش في القبور (السجون)، في حين كانت تمارس علينا أساليبها لإضعاف مفاهيمنا ومبادئنا الوطنية" يضيف ريان.
وكان ريان من سكان قرية قراوة بني حسان الواقعة في قضاء سلفيت، لكنه أبعد بعد تحرره إلى قطاع غزة، ويعيش حياة مستقرة مع زوجته وأبنائه.
ويذكر أنه يعيش هذه الأيام أجمل ذكريات حياته، رغم بعده عن أهله وذويه في الضفة المحتلة، الذين لم يتمكن من رؤيتهم منذ إطلاق سراحه، خاصة والدته التي توفيت قبل عامين.
وقد عانى من فقد الأحباب حينما قضى 17 سنة أسيرًا في سجون الاحتلال، وحرم منهم كذلك بعد إبعاده إلى غزة، لكن هذا أهون عليه من أن يبقى أسيرًا خلف القضبان.
ويتابع: "مكثت سنين طويلة خلف القضبان فاقدًا الأمل في خروجي من السجون ذات الأسوار العالية والمحصنة، والمؤلمة والموجعة للأسرى جميعًا، المحكوم عليهم أحكامًا عالية، بالسجن مددًا تصل إلى ما لا نهاية".
ويقول عن لحظة تحرر الأسرى في الصفقة: "كأننا خرجنا من قبور الموت إلى دنيا ملأى بالحرية والحياة، كل عام أتذكر هذا اليوم وأتذكر معه معاناة الأسرى، وكيف أفرج عنا، وكيف استقبلنا أهالي غزة".
"كما أذكر جيدًا الشهيد أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام، الذي اغتاله الاحتلال في 14 تشرين الآخر (نوفمبر) 2012م، وطلبه التشييك على أسماء الأسرى المحررين (تفحصها) بعد وصولنا إلى معبر رفح (...) إنها الذكرى الأجمل في حياتي، وأجمل من ذكرى الزواج" يضيف ريان.
ويكمل الأسير المحرر: "إن المقاومة نجحت في قهر السجان وحصونه السميكة، وخففت من الحمل الثقيل للأسرى، وحررت أسرى وأسيرات ما زالوا يحتفلون في كل عام بمناسبة حريتهم".