فلسطين أون لاين

​يعدّه "وطنًا وهويةً وعقيدةً"

رفيق عناية لا يفارق مفتاح العودة منذ ورثه

...
صورة أرشيفية
غزة/ صفاء عاشور:

ككثير ممن خرجوا من بيوتهم حاملين معهم مفاتيحها، ما يزال رفيق عناية -وهو من الجيل الثالث للنكبة الفلسطينية- يحمل مفتاح بيت جده الذي خرج منه في المجدل في 1948م، مفتاحًا يتباهى بأنه ما يزال يحافظ عليه ويريه لأبنائه وأحفاده.

المفتاح يعكس مدى اهتمام عناية بالتراث الفلسطيني، وهو ما طبقه على أرض الواقع بافتتاح محل مطرزات عناية للتراث الفلسطيني، الذي يعرض فيه كل ما يتعلق بالتراث من أدوات، وأثواب فلاحية، وغيرها من المطرزات التي تعكس هوية كل مدينة وقرية فلسطينية.

وبين عناية في حديث خاص لـ"فلسطين" أنه بدأ العمل في تجميع كل ما يتعلق بالتراث الفلسطيني منذ مدة طويلة، خاصة أن والده كان دائم الحديث عن مدينة المجدل التي خرج منها هو وجده، وكيف أنهم ما يزالون يحتفظون بمفتاح بيتهم.

وقال: "إن مفتاح العودة كان هو البداية، فأنا أخذته من والدي، الذي كان قد أخذه تلقائيًّا من أبيه، وسأورثه بعد وفاتي لأحفادي، حتى يأتي اليوم الذي يعود فيه أحد أفراد العائلة إلى بيتنا في المجدل، ويفتح به البيت الذي ما يزال موجودًا حتى الآن".

وأضاف عناية: "تعلقي بمفتاح بيتنا جعلني أصمم على زيارة بيتنا في المجدل، وهو ما قمت به، إذ زرت البيت، ووجدت شجرة العناب، التي كان والدي قد تحدث عن وجودها بجوار المنزل، وأكلت منها".

وتابع: "وتحدثت إلى اليهودي الذي يسكن في بيتنا، وقلت له: إن هذا هو بيت جدي، وإنه من حقي أنا أن أعيش فيه، فكان رده الذي صدمت به: (أعدني إلى بيتي في العراق وخذ بيتك؛ فأنا لا أريد أن أعيش فيه)".

وأشار عناية إلى أن رد اليهودي الذي سكن بيته جعله يفكر كثيرًا، ويتيقن أن اليهودي رغم وجوده في فلسطين يعرف أنها ليست بلاده، وأنهم ليسوا أصحاب الأرض والحق فيها، مؤكدًا أن الفلسطيني المهجّر والأجيال المتلاحقة بعده لا يزالون يتذكرون حق العودة والحق في الأرض والوطن.

وبين أن تمسكه بالأرض وحق العودة جعله دائم البحث عن كل ما يثبت أحقية الفلسطيني في أرضه، لافتًا إلى أنه لن يجد شيئًا يثبت الوجود الفلسطيني كما التراث كل مجالاته من: ملابس، وأدوات، ووثائق، وعملات، وغيرها من الأمور.

وذكر عناية أنه منذ سنوات عدة بدأ عملية اقتناء لكل الأشياء المتعلقة بالتراث الفلسطيني من ملابس، وآنية، وصور، حتى القصص والحكايات القديمة عن العادات والتقاليد والأعراس في المدن والقرى التي هُجر منها أصحابها.

وشدد عناية على أن مسيرات العودة الكبرى التي بدأت في ذكرى يوم الأرض 30 مارس 2018م أحيت عند الكثير من الفلسطينيين حق العودة، مشيرًا إلى أنه أخذ أحفاده للمشاركة في فعاليات مسيرات العودة، وأشار إلى مدينة المجدل، وبدأ الحديث عنها، وعن بيتهم الموجود فيها، وعن المفتاح الذي سيأخذونه معهم عندما يعودون ليفتحوا به باب البيت.

وأكد عناية أن المفتاح تنقل من جده إلى أبيه وسيورثه لأحفاده من بعده، وأنه يغرس في أذهانهم وعقولهم أنه لو أراد الناس اشتراء هذا المفتاح بالملايين فلن يبيعوه، وإن حاول بعض التبخيس من قيمته، وأنه مجرد قطعة من حديد؛ فعليهم تأكيد أن هذا المفتاح يمثل له ولأحفاده "وطنًا وهوية وعقيدة".

وشدد عناية على أن المفتاح دائمًا في حوزته، وأينما يتنقل فهو يكون ملازمًا له، ولا يغيب عن ناظريه، حتى إذا ما حانت ساعة العودة فعليه أن يكون جاهزًا لها ومعه مفتاح البيت في المجدل.

وأشار إلى أنه من مواليد غزة 1960م، ولكنه منذ صغره يسمع جده يتحدث عن بيتهم في المجدل وأراضيهم، وأنه سيأتي اليوم الذي سيعودون فيه، منبهًا إلى أنه يقوم بالشيء نفسه مع أحفاده، يغرس في داخلهم حب مدينة المجدل وحب الوطن، وأن العودة أمر يقيني لا مفر منه.

وأكد أهمية زيادة الاهتمام بالتراث الفلسطيني على المستويين الحكومي والشخصي لمواجهة سرقة الاحتلال الإسرائيلي له على المستويات كافة: الآثار، والملابس، والطعام، وغيرها من الأشياء التي يحاول نسبها إليها.

وختم عناية بقوله: "يجب أن تعود المرأة الفلسطينية للتزين بالثوب الفلاحي كل واحدة حسب المدينة أو القرية التي هي منها، وأن ترتدي هذا الثوب في خروجها، وإن لم ترد ففي الأعراس الفلسطينية، حتى لا ينسى الجيل الحديث هذا التراث الذي يحاول الاحتلال سرقته بكل الطرق".