ذهب أزلام التنسيق الأمني في قيادة السلطة الفلسطينية بعيدا عن مطالب الإجماع الوطني الواسع بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال نهائياً، وارتؤوا مواصلة هذه السياسة غير الوطنية مهمشين كل قرارات المجلسين المركزي والوطني لمنظمة التحرير التي أوصت في مناسبات عديدة بوقف هذا التنسيق والتخلص من اتفاقية أوسلو.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ خلال اتصاله مع القناة 14 العبرية صباح أمس: إن "الأجهزة الأمنية في الضفة تساهم بشكل يومي في إحباط أي عملية ستنفذ في المناطق الإسرائيلية، كما تعمل بشكل جدي على منع وصول السلاح والمتفجرات إلى داخل (إسرائيل)".
وجاءت تصريحات الشيخ الذي أكد استمرار التنسيق على أعلى المستويات، لأنه الضامن الوحيد لحفظ الأمن في المناطق الإسرائيلية والفلسطينية، مشيراً إلى أن الاحتلال تنكر في بعض الأحيان للجهود المبذولة من طرف السلطة في هذا الملف.
طرف ضعيف
وفي السياق، قال الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي: إن "التنسيق الأمني موجود على أعلى المستويات في السلطة، ولم يكن هناك استجابة لقرارات المجلس المركزي والمجلس الوطني اللذين أوصيا بوقفه".
وأوضح الشرقاوي خلال حديثه مع "فلسطين" أن الاحتلال يريد من التنسيق الأمني التأكيد على أن ملكية الأراضي الفلسطينية تعود إليه، مشيرا إلى أن هذا التعاون في فحواه يهدف لكسر إرادة الشعب الفلسطيني وإهانته.
وأكد أن التنسيق الأمني يجري في واقع الأمر بين طرفين صديقين أحدهما ضعيف والآخر قوي، وليس بين احتلال وشعب تحت احتلال.
وحول أن الاحتلال يتنصل مع التزاماته تجاه السلطة، قال الشرقاوي: "(اسرائيل) ليست بحاجة للتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية حيث إن أذرعها الأمنية والعسكرية موجودة في الشارع الفلسطيني، وانما تريد اظهارها كمساهم في عملية كسر وعي الشعب الفلسطيني، وكي وعي الأجيال القادمة".
ورأى أن التنسيق من الناحية العسكرية هو تعاون بين طرف ضعيف (السلطة الفلسطينية) مع طرف قوي (الاحتلال) دون مقابل، حيث إن الأخير يحتقر من ينسق معه أمنيا.
ووصف تصريحات وزير الشؤون المدينة حول استمرار التنسيق الأمني بـ"الرخيصة والمبتذلة ومردود عليها"، داعياً السلطة إلى وقف السيناريو التراجيدي الذي يخدش كرامة الشعب الفلسطيني.
وتابع: "أعتقد أن نزول الجماهير الفلسطينية إلى الشارع والوقوف في وجه السلطة ومطالبتها بوقف التنسيق قد يكون له أثر واضح في تغيير سلوكها".
من جانبه، يرى رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية د. محمد المصري أن عدم وجود رؤية لدى قيادة السلطة الفلسطينية لما بعد وقف التنسيق الأمني وما هو الثمن الذي ستدفعه جراء وقفه يحول دون استجابتها لقرارات المجلس المركزي والوطني.
سلوك متناقض
من جانبه، يرى المحلل السياسي صلاح حميدة أن تصريحات حسين الشيخ تتناقض مع توصيات المجلس المركزي الذي أوصى بوقف التنسيق الأمني في اجتماعاته الأخيرة.
وقال حميدة خلال حديث مع "فلسطين": "سلوك غريب الذي تسلكه قيادة السلطة، فالمجلس المركزي والوطني والفصائل والهيئات الفلسطينية دعتها لوقف التنسيق الأمني، الأمر الذي يضع تساؤلات كبيرة على سلوك السلطة تجاه المؤسسات التشريعية والمنتخبة".
وأكد على حالة الاجماع الوطني بشكل عام التي تطالب السلطة بوقف التنسيق, إنما تطالب بذلك لأنه فعل يضر بالمشروع الوطني الفلسطيني، داعيا قيادة السلطة إلى تنفيذ قرارات الإجماع الوطني.

