قال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأسير أحمد سعدات: "إن المقاومة خيار لا بديل عنه في مواجهة صفقة القرن، ومخطط تصفية الصراع العربي الإسرائيلي نهائيًّا الذي ينتهجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
ورأى "سعدات" من داخل سجن "رامون" الإسرائيلي، في حوار خاص عبر وسيط مع صحيفة المصري اليوم، أن ترامب أطلق ما وصفه بـ"رصاصة الرحمة" على العملية السياسية، ما يستوجب إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني بمنطق حركة تحرر ضد احتلال استعماري، مشددًا على أن القوة قد تُخضع شعبًا لحقبة من الزمن، لكنها لن تلغي مسوغات مقاومته دفاعًا عن حقوقه وهويته ووجوده.
واتهم القيادي الفلسطيني، المعتقل منذ 12 عامًا في سجون الاحتلال، من وصفها بـ"القيادة المتنفذة في منظمة التحرير" (في إشارة إلى حركة فتح ورئيس السلطة الراحل ياسر عرفات) بأنها قدمت في "أوسلو" كل أوراقها السياسية مقابل مفاوضات غير واضحة المعالم، واصفًا الاتفاق بـ"الصفقة".
وقال سعدات: "إن تراجع الثورة الفلسطينية، الذي عبر عنه بالتوقيع اتفاق أوسلو مع العدو الصهيوني وإدخال القضية الفلسطينية في مأزق خطير، ارتبط بالمنهج السياسي الخطأ للقيادة المهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية، في وجود قوة دعمت هذه السياسة داخل المنظمة".
وأضاف: "قدّمت القيادة كل أوراق قوتها السياسية مقابل مشاركتها في مفاوضات مدريد، ضمن وفد أردني فلسطيني مشترك، في موافقة مسبقة على صيغة لا تقود إلى أكثر من حكم ذاتي في أحسن الأحوال، وإخضاع الثوابت الوطنية المضمنة في قرارات الشرعية الدولية للتفاوض على نصوصها، لا آليات تنفيذها، وارتكاز المفاوضات على قرار وحيد للشرعية الدولية، وهو قرار (242) غير المتفق دوليًّا على صيغة محددة لتفسيره".
وبيّن سعدات أن الأهم من كل ذلك أن تلك القيادة المهيمنة "أعاقت المؤسسة الحاضنة لقرارات الشرعية الدولية عن تأدية دورها ومسؤولياتها عن تنفيذ قراراتها، لتصبح شاهد زور عاجزًا أمام انتهاكات العدو للقانون الدولي، والقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية".
وتابع: "إن الاتفاق الآن أصبح جثة ماثلة للعيان حتى الأعمى، في حين ما يزال البعض يعد التنسيق الأمني مع الاحتلال مقدسًا" (في إشارة إلى تصريح سابق لرئيس السلطة محمود عباس).
صفقة القرن
وطالب الأمين العام للفصيل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية المحكوم عليه بالسجن 30 عامًا حركتي فتح وحماس بطي الخلافات لمواجهة "صفقة القرن"، متهمًا "شرائح طبقية" بالاستفادة من استمرار الانقسام وتعطيل مسار المصالحة.
وقال: "إن التحدي الأكبر والمهمة المركزية أمام شعبنا يتمثلان في إفشال المشروع الأمريكي الجديد لتصفية القضية الفلسطينية، وإغلاق الباب الفلسطيني أمامه، وفتح الطريق لتعزيز الخيار الوطني وانتصاره، وتحقيق أهداف شعبنا الوطنية والتاريخية".
وذكر أن انتخاب ترامب أعطى حكومة الاحتلال دفعة قوية لفرض رؤيتها السياسية للحل على الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي، "لأن ترامب ونتنياهو يعتقدان أن الظروف الراهنة التي تعيش فيها المنطقة العربية الأكثر ملاءمة لشطب فلسطين من خريطة الجغرافيا، والقضية الفلسطينية من أسفار التاريخ".
وأضاف: "لا يمكن للشعب الفلسطيني أو أي قوة سياسية أو وطنية قبول صفقة القرن، وما تقترحه الولايات المتحدة من حلول للصراع؛ فهي تدعونا لقبول الأمر الواقع والتسليم بوجود الاحتلال، واختزال حقوق شعبنا الوطنية في إطار حكم ذاتي مسخ، أو محمية تحت سيطرة الاحتلال مقطعة الأوصال على أقل من نصف مساحة الضفة، وفي أحسن الأحوال يمكن أن يضاف إليها قطاع غزة".
وأكد سعدات أن الشعب الفلسطيني لم يبدأ من الصفر، ولديه العديد من أوراق القوة، ومصدر قوته الرئيسة يتمثل في وجوده على أرضه، واستمرار مقاومته للاحتلال في ميادين الصراع المباشر، والاعتراف الدولي بهذا الوجود وحقوقه الوطنية وكيانه السياسي والمعنوي (منظمة التحرير الفلسطينية).
وتابع: "وهذا الوجود يجسد هوية شعبنا الوطنية، ويعكس مضمون حقوقه الوطنية العادلة، فضلًا عن الاعتراف الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين، والعديد من القرارات الدولية التي ترفض الأمر الواقع الذي يحاول الاحتلال تكريسه وفرضه على شعبنا وعلى المجتمع الدولي".