فلسطين أون لاين

​كيف أصبح قارئًا؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ جهاد أبوراس:

يولَدُ الإنسانُ بقدراتٍ عقليةٍ محددةٍ، لذا فتغذية العقل بالمعرفة تنشّط عضلات المخّ، وتنشّط الأعصاب فيه؛ فالمعرفة تعد كنزاً للإنسان وسببَ رقيِّه.

ونحصل على المعرفة بالقراءة والتي تُعرّف بأنّها استخراج المعاني والأفكار من الكلمات المكتوبة بهدف التعلّم والتفاعل مع البيئة المحيطة؛ فهي مهمّةٌ جداً في حياتنا العلميّة والعمليّة، لأنها مفتاح لجميع أنواع المعرفة، ولها دورٌ أساسيٌّ في تطويرِ الذّات في مجالات الحياة المختلفة لكلّ الأعمار.

الأستاذ المساعد في كلية الآداب في الجامعة الاسلامية د. عبد الحميد مرتجى تحدث لـ"فلسطين" عن القراءة، بقوله: "أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه أمة الاسلام بالقراءة كما ورد في الآيات الكريمة "اقرأ"".

وتابع د. مرتجى: "عندما نتفحص كلمة اقرأ نجد أنها ليست كلمة للقراءة العادية فقط، وإنما قراءة الكون والتفكر في آيات الله سبحانه وتعالى في الكون"، مبينًا أنه بعد ذلك يتسع مفهوم كلمة القراءة إلى ما هو أكثر من ذلك وهي قراءة الآيات التي يرسلها الله سبحانه وتعالى ثم بعد ذلك القراءة المعرفية أو القراءة التي نمارسها نحن.

وبين أن القراءة إضافات فكرية عقلية للإنسان، في ظل الواقع المرير الذي يحتاج الى معرفة عريضة؛ لأن الواقع اذا ما لم يُقرأ قراءة صحيحة فسيدفع المرء ثمناً باهظاً لذلك، إضافة إلى أن الله سبحانه وتعالى ذمّ الجهل في كتابه، سواء الجهل بآيات الله وكتابه، وأحكامه، فتأتي القراءة لتمسح هذا الجهل بمفهومه العام أو الخاص.

وأضاف د. مرتجى: إن المعرفة تراكمية وتحتاج إلى مجاهدة النفس، خاصةً وأن النفس دائمًا ما تميل بالإنسان إلى اللهو, والقراءة تشعر الانسان خطأً أنها تقمع بعض الملهيات، والنفس تميل إلى الراحة, والقراءة بالنسبة لكثير من الناس فيها شيء من الإرهاق والتعب, والنفس تميل لإهدار الوقت والقراءة تستثمره.

ونبه إلى أن تعزيز حب القراءة يجب أن يبدأ منذ الطفولة، فإذا تعود الأطفال أن يقرؤوا القصص، وتخصيص وقت لها، فإن الطفل يرتبط بالقراءة، ثم بعد ذلك تتطور هذه المهارةلديه لتصبح مهارة متقنة بدرجة عالية، وتصبح مفردة في حياته لها وقتها وطقوسها ومكانها.

وهي –كما قال- منظومة متكاملة تبدأ من البيت من مرحلة ما قبل الروضة، ثم في الروضة التي يجب أن تعطي الطفل الاهتمام، ثم تكبر هذه الاهتمامات كلما كبر الإنسان في مراحل الدراسة.

وأكمل: "ففي مرحلة المدرسة يجب أن تتيح المدرسة القراءة عبر المكتبة المدرسية، وأن تخصص حصصًا للمكتبة، وأن تمنع معلمات المواد الدراسية الأخرى من أخذ حصة المكتبة"، مطالبًا بزيادة حصص المكتبة لأن رسالة المكتبة المدرسية تتخطى الهدف الظاهري فهي تربط الطالب بالكتب وتفتّح أفقه على قراءات أخرى، وتعلمه كيفية التعامل مع الكتب والمحافظة عليها, وكيفية إعادة الكتاب, أي تنمي مهاراته وقدراته المجتمعية وتعلمه الانضباط إلى جانب القراءة.

وأوضح د. مرتجى أن قراءة الروايات تعد ترفيهًا عن النفس، ورأى أن القراءة الترفيهية تأتي بعد القراءة الأكاديمية والدراسية, ويجب تعويد النفس على القراءات المطالبة بها للنجاح في الحياة من قراءة للمدرسة، والواجبات البيتية، وقراءة التكاليف، وقراءة التخصص والتبحر فيه للتزود بما يلزم حتى يكون الشخص متخصصًا قديرًا.

لتأتي بعدها –وفق قوله- مرحلة قراءة الروايات، والتي تتضمن روايات عربية وأخرى مترجمة، ويفضل أن يبدأ العربي المسلم بقراءة الروايات العربية التي تحمل ثقافة مجتمعه حتى ترسخ قيمها وتقاليدها وعاداتها في ذاته، وبعدها يتجه لقراءة الروايات المترجمة التي تحمل فكرًا غير فكر مجتمعه وثقافته.

وقال إن: "واقعنا المكتبي "المرهق" وارتفاع سعر الكتب في غزة وندرة بعضها، تدفع الشخص باتجاه القراءة الالكترونية من المكتبات الإلكترونية التي تساعد الطلاب بسهولة على سحب الكتب ورقياً"، مشيرًا إلى أن القراءة الالكترونية بديل جيد ومطلوب، وهناك مواقع كثيرة تنشر الكتاب بصيغة الـ pdf.

وأخيراً أكد د. مرتجى أنه يجب أن يكون للصحافة اليومية دور أكبر في دعم قضية القراءة من خلال عقد لقاءات ثقافية وفكرية, وتنظيم ورشات عمل وإدخال المدارس والصحف فيها, والتشجيع على القراءات، وزيادة توزيع الصحف مجانًا، والتحرك الميداني في الجامعات وعمل الأنشطة الترويجية والمناظرات في أماكن مختلفة.