بات من اللافت تنامي السرقات لعتاد وأسلحة قوات الاحتلال الإسرائيلي، في ظاهرة تكشف عن أزمة أخلاقية واجتماعية لجيش يصف نفسه بـ"الأكثر أخلاقياً"، بعد امتداد عمليات النهب إلى أجهزة الحاسوب والوثائق العسكرية، وفق تقارير إسرائيلية.
وتشير التقارير، إلى أنه ومع بداية انحسار الانتفاضة الثانية عام 2004، كانت عمليات النهب تذهب لصالح الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، إلا أن عصابات الجريمة المنظمة في (إسرائيل) أضحت في السنوات الأخيرة الأكثر استهلاكاً لقطع الأسلحة والمتفجرات والعبوات الناسفة المسروقة من معسكرات الجيش.
وبحسب معطيات شرطة الاحتلال العسكرية فإن الظاهرة آخذة بالتفاقم، ففي عام 2002 قفز معدل تسرب السلاح إلى نحو 50%، إذ سُرقت 159 بندقية، مقابل 106 بنادق في عام 2001.
وتؤكد تلك المعطيات، أن معدل تسرب السلاح استمر في التذبذب دون أن يلبي طموحات قادة جيش الاحتلال بخفضه رغم الإجراءات الاحترازية والقضائية، حيث سُرقت 122 قطعة سلاح عام 2009، و116 بندقية عام 2010، في حين انخفض العدد إلى النصف تقريباً خلال عام 2011 بنحو 55 قطعة، ثم ما لبث وأن عادت المعدلات النهب إلى الارتفاع إذ سرقت 89 و 60 بندقية في عام 2012 و 2013 على التوالي.
ولا تشير الإحصائيات التي تنشرها شرطة الاحتلال العسكرية إلى معدل السرقات في المعدات القتالية الأخرى، غير أن تقرير موقع "warisboring.com" المنشور في 11 مارس/ آذار 2014 تحت عنوان "الجيش الإسرائيلي متجر السلاح الأول لأفراد العصابات"، بين أن جيش الاحتلال فقد حوالي 360 قنبلة يدوية، و1000 من قنابل الصوت، و50 كلغ من المتفجرات، و104 وحدة من الطوب المتفجر، وعشرات من صواعق التفجير، وعدد من بنادق "تافور".
وتعد بندقية "تافور" الأكثر طلباً من قبل منظمات الجريمة الإسرائيلية، ويُعد تملك هذه البندقية، لاسيما من طراز "ميكور تافور" ذات الدقة العالية في التصويب "موضة" لقادة منظمي الجريمة.
ويصل سعر بندقية "تافور" في "السوق السوداء" إلى 100 ألف شيقل (أكثر من 25 ألف دولار).
وتباع البنادق الأخرى من نوع M16 بمبلغ 1500 إلى 2000 دولار، بينما يصل ثمن المدفع الرشاش من نوعMAG إلى 5 آلاف دولار، في حين يصل سعر الوحدة من صواريخ "لاو" إلى أكثر من 7 آلاف دولار، و100 دولار للقنبلة اليدوية وأضعاف هذا الرقم للعبوات الناسفة.
ويشير تقرير نشرته صحيفة "معاريف" الأسبوعي في سبتمبر/ أيلول 2014، إلى أنه يُسرق في كل ثلاثة أيام سلاح أو وسيلة قتالية أخرى من معدات جيش الاحتلال الإسرائيلي "تنتقل هذه على الأغلب إلى تلك تنظيمات فلسطينية. وبحسب معطيات الشرطة العسكرية فإن هذه الظاهرة آخذة بالتفاقم".
وتظهر إحصائيات وحدة التكنولوجيا والإمدادات التابعة لجيش الاحتلال، أن معدات عسكرية وأسلحة بقيمة 15 مليون دولار تسرق سنويا من القواعد والمعسكرات.
ولكن كيف تتم السرقات وصفقات البيع؟
وفقاً لتقرير "معاريف"، فإن السلاح الذي يخرج من القواعد والثكنات العسكرية يمر بسلسلة طويلة من "الوسطاء" تبدأ بمنظمات الجريمة التي تمثل الترس الأكبر وتصل في نهاية الأمر إلى عناصر إجرامية أو إلى عناصر من المقاومة الفلسطينية.
وتقول الصحيفة "لم يثبت وجود حالات باع فيها الجنود السلاح للفلسطينيين مباشرةً. الجنود هم البرغي الصغير، ولكنهم الأهم في العملية"، وهم يحصلون على عمولات تتراوح بين 2000 شيقل إلى 2000 دولار، وذلك وفقاً لسعر البيع.
وتنقل "معاريف" عن مصدر في شرطة الاحتلال العسكرية قوله "يمكن للجندي الذي يساعد على السرقة بطرق مختلفة، مثل إدخال السارقين إلى المعسكر أو نقل معلومات لهم، أن يحصل على مبلغ يتراوح بين 500 إلى 1000 شيقل".
وكانت النيابة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، قد فعلت الدعاوى القضائية المدنية ضد الجنود المتهمين بالسرقة، وتسريب معدات من داخل المعسكرات، مستندة في ذلك إلى توصيات بحث أجرته وحدة الاستشارة والتشريع، بعد العدوان الأخير على غزة صيف 2014، والذي كشف عن العديد من السرقات من داخل الوحدات العسكرية.