فلسطين أون لاين

​النطف المحررة .. صناعة الحياة من عمق جحيمهم

يقشعر بدني ويرتعش وجداني كلما سمعت عن أسير نجح في تهريب نطفة ونجح في أن يزرع الحياة بإصرار عجيب جعلته يتخطى جدرانهم وحديدهم وقيودهم وينتصرعلى الموت في مدافن الأحياء ..

يريد أسيرنا القول : "رغم أنوفكم ها نحن نستمر بحياتنا الجميلة ، نواصل الزرع وفلاحة الحياة من عمق الموت الذي تريدونه ، أنتم تقيدون الجسد وتحشرونه وتحاصرونه من كل جانب ، الفلسطيني يعرف كيف يخترق جدرانكم ، يعرف كيف يدوس على غطرستكم ، يعرف كيف ينتصر ، بطرق لا تخطر على بالكم المنحرف ولا على قلوبكم الصدئة ، ينتصر على ساديتكم ، يخرج لكم ما لا تتوقعون وما لا تصيبه أجهزة مكركم في مخططاتها الجهنمية . "

ويأبى أسيرنا أن يكتفي بما يصنعه داخل السجن حيث يصر على أن تنبت الحياة الجميلة، فيواصل حياته الثقافية ينير العقول ويرقي القلوب، تقام الجلسات وتعقد الدورات والمحاضرات والندوات وعلى عيونهم يتحول السجن من الموت الى الحياة ، يتحول زمن السجن من عدو الى صديق ،وأي صديق ؟ صديق يتفوق على زمن خارج السجن بعطائه وحصاده . فلا تقف آمالهم في الحياة عند حد من الحدود بل يتخطى خيالهم البعيد، أذكر النقاشات الاولى واحتمالات النجاح او الفشل وارتداداتها الاجتماعية والنفسية، ويسجل هنا للاسير المحكوم مؤبد عمار الزبن المحاولة الناجحة الاولى والتي حول فيها الفكرة الى اصرار وعمل كانت نتيجته أن أهدى لبنتيه أخا أسماه مهند ، كانت براعة اختراع وكانت سبقا مميزا وفتحا جديدا في هذا العالم القاسي المظلم . ثم تتابعت المحاولات بعد ذلك لتنجح كما نجح عمار .

ولا تقف المسألة عند حدود تحرير نطفة الحياة من عمق جحيمهم بل ما بعد ذلك فيمن يرعاها ويزرعها في أعماقه، يصر على استمرار حياة من يحب وفق ما يحب ، المسألة ليست سهلة وليست حملا عاديا ، انه حب كبير ووفاء جميل واصرار على تكملة الجانب الثاني لهذا التحدي ، الشراكة الكاملة في الانتصار عليهم والاصرار على ذات الافق العالي الذي يتطلع اليه صاحب النطفة ، انه التحليق عاليا لعشيقين أصرا على قهر السجان والرد على جبروته بهذا الاختراق الساحق لكل قيوده .

هنيئا لك ايها الطفل القادم من والدين كانت لهما تطلعات جميلة وكان لهما كل هذا الافق الواسع وكل هذا العنفوان الجميل .. أيها القادم الى الحياة بهذه الطريقة الفريدة كنت مميزا وجئت ببشريات سعيدة وحياة تخرج لنا من الصخر وتحلق بنا عاليا في كل هذه الفضاءات التي جاءت لنا بمجيئك، ستفاخر وتمشي ملكا معتدا بروحك التي منحها لك رب عزيز رحيم ودود من والدين كانا قاهرين لاحتلال بغيض، سارا في طريق الاشواك والالام ونجحا في وضع قدمك على خريطة هذه الحياة .