ما زالت قوى الأمن الإسرائيلية، الجيش والمخابرات، تواصل مساعيها لاعتقال منفذ عملية سلفيت، بعد قرابة أسبوع من حصولها، تترك ردود فعل سلبية داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وتضع أسئلة دون إجابة حول مكان اختفائه، ومن يأويه، وكيف يتحصل على احتياجاته الأساسية؟ ولماذا أخفق الأمنان الفلسطيني والإسرائيلي في إلقاء القبض عليه بعد مرور كل هذه الأيام، معرفة اسمه وصورته؟
الفشل الإسرائيلي في وضع يده على أشرف نعالوة منفذ عملية سلفيت، يعيد إلى الأذهان ذات الإخفاق الذي واكب دولة الاحتلال حين لم تنجح في اعتقال أحمد جرار من مدينة جنين العام الماضي، حتى استشهد ومعه أسرار اختفائه، الأمر الذي يترك ألغازا دون حل على طاولة ضباط الجيش والشاباك الإسرائيليين.
ولعل هذا ما قصده ضابط إسرائيلي كبير وهو بصدد استعراض جهود الأجهزة الأمنية في القضاء على قوى المقاومة، حيث قال: نجحنا في تصفية كل الخلايا العسكرية، وبقيت أمامنا خلية واحدة فقط عدد أفرادها 3,5 ملايين فلسطيني!
يبدو من الصعب الحديث عن قدرة هؤلاء الشباب منفذي الهجمات المسلحة على التخفي والبقاء بعيدا عن أنظار الجواسيس دون إلقاء نظرة على توسع قاعدة تأييد المقاومة في الضفة الغربية، رغم عمليات غسيل الدماغ التي جرت لسكان الضفة الغربية، وما شملته من تخويفهم من مسار المقاومة، وما يتكبدونه بسببها من أثمان باهظة.
مع العلم أنه يصعب أن يبقى شاب في أوائل العشرينات مطلوبا لمختلف أجهزة الأمن الإسرائيلية والفلسطينية دون وجود من يتضامن معه، يأويه، ينقله من مكان لآخر، إن لزم الأمر.
هناك يتحدث الإسرائيليون في إطار معالجتهم لملف المقاومة في الضفة الغربية، ذلك الإعجاب الشعبي بعملياتها، حيث يعتزون بها ويرونها طريقا مؤثرا، لاسيما حين يرون ويسمعون دعم عائلات منفذي العمليات أنفسهم، بحيث اعتاد الفلسطينيون على توزيع الحلوى في بيوت عزاء المقاومين الشهداء.
كما أن احتضان الفلسطينيين في الضفة الغربية للمقاومة والمقاومين شكل لهم حاضنة سياسية، وبعدا شعبيا قويا، ورغم الرد الإسرائيلي العسكري العنيف على هذه الهجمات، لكن وقوف الناس بجانب المقاومة، ودعمها، رغم استهداف المدنيين فوت الفرصة على الاحتلال، وأفشل مشروعه المتمثل بإضعافها داخليا.
هذا يعني أن قاعدة المقاومة في الضفة الغربية وصلت حدود الاحتضان الشعبي لها، ولعل استطلاعات الرأي بين الحين والآخر أظهرت حجم التأييد الشعبي للمقاومة، بل والطلب من قواها تصعيد عملياتها كلما زاد حجم القمع الإسرائيلي للفلسطينيين.
تستحضرني في هذه السطور ما أشارت إليه وثيقة أمنية لمؤتمر هرتسليا الرابع، حين تحدثت عما تحظى به المقاومة من تقديم العون والمساعدة، كإيواء وإخفاء مقاومين، ونقل مسلحين من الضفة إلى داخل الخط الأخضر، وجمع معلومات استخبارية، وتهريب وبيع وسائل قتالية، وتقديم مساعدات لوجستية.