تحدق مضاعفات صحية بمرضى القلب في قطاع غزة، نتيجة نفاد أدويته من مستودعات وزارة الصحة، مع عدم قدرة كثير منهم على اشترائها من الخارج.
وأعلنت وزارة الصحة أن خدمات الرعاية الصحية الأولية وما تشملها من برامج وبروتوكولات أصبحت على المحك مع اشتداد العجز في قوائم أدويتها الأساسية، فـ100 صنف غير متوافرة من أصل 143 صنفًا، بنسبة عجز بلغت 70%، و16 صنفًا مهددة بالنفاد خلال الأشهر الثلاثة القادمة.
وتضطر المواطنة راوية كراجة التي تعاني انسدادًا في شرايين القلب منذ 10 أعوام إلى الحصول على أدويتها من عيادة وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)؛ لكونها لا تستطيع اشتراء العلاج اللازم لها من الصيدليات الخاصة، والأطباء حذروها من خطورة عدم تناول العلاج المطلوب، لكن عدم مقدرتها على اشتراء العلاج جعلها تتوقف عن تناوله منذ أشهر طويلة.
كراجة التي تعاني كثيرًا، لعدم تمكنها من توفير العلاج، قالت لـصحيفة "فلسطين": "أحتاج أسبوعيًّا 120 شيكلًا لاشتراء العلاج، ولكنني لا أوفرها لنفسي بل أشتري بها علاجًا لابنتي التي تعاني شلل دماغيًّا رباعيًّا".
وأضافت: "أحتاج ما يزيد على 220 شيكلًا شهريًّا لعلاج ابنتي، غير الاحتياجات الأخرى، حاولت البحث عن الأدوية المطلوبة في عيادات وزارة الصحة بغزة، لكنها غير متوافرة بسبب أزمة نقص الأدوية التي تعانيها مستشفيات القطاع".
وإلى جانب الحصار المشدد على القطاع منذ 12 سنة تفرض السلطة إجراءات عقابية منذ آذار (مارس) 2017م، مست مجالات حيوية كالصحة والكهرباء وغيرها.
معاناة كبيرة
ولا يختلف الحال كثيرًا لدى زوجها ياسر كراجة، الذي يعاني انسدادًا في شرايين القلب، إضافة إلى معانته مع مرضي السكري والضغط.
وقال كراجة: "أحتاج إلى دعامات للقلب، وهي لا تتوافر بسهولة في المستشفيات، حتى العلاج ثمنه مرتفع جدًّا ولا نستطيع توفيره".
وأضاف: "أضطر كزوجتي إلى تناول العلاج الذي تعطينا إياه وكالة الغوث، أحد الحلول مع عدم توافر دخل لنا حتى نستطيع اشتراء العلاج، الوضع المادي سيئ جدًّا".
وطالب كراجة وزارة الصحة في رام الله بالوقوف بجانب ابنته التي تعاني الشلل منذ 14 سنة؛ فهو لا يستطيع توفير العلاج اللازم لها، ولا كرسي متحرك.
أما الحاج علي حامد الذي يحتاج عملية قلب مفتوح وزراعة شرايين فيضطر إلى اشتراء العلاج بمساعدة من أهل الخير، وعن معاناته قال: "أحتاج ما يزيد على 1500 شيكل شهريًّا أدويةً للأمراض التي أعانيها، وهي غير متوافرة لدى وزارة الصحة".
من جهتها الحاجة مهدية أبو الكاس المصابة بجلطة في القلب تحتاج لأدوية خاصة بمرضها، ولكنها غير متوافرة في مستودعات وزارة الصحة.
وقالت لصحيفة "فلسطين": "هذه الأدوية تحتاج إلى مبالغ باهظة جدًّا، وعدم تناولها باستمرار يتسبب في زيادة ارتفاع ضغط الدم والسكر، وقد يؤدي إلى مضاعفات شديدة، لا سمح الله".
وطالبت أبو الكاس بإنقاذ حياة المرضى الذين يعانون يوميًّا، بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.
رئيس قسم قسطرة القلب في مجمع الشفاء الطبي الاستشاري محمد حبيب قال لـصحيفة "فلسطين": "إن ما يزيد على 150 عملية قسطرة تجرى شهريًّا"، لافتًا إلى أن 50% من هؤلاء المرضى الذين أجريت لهم القسطرة يحتاجون تركيب دعامات هوائية.
ونبه حبيب إلى أن مرضى القلب يتناولون ما يزيد على خمسة أنواع من الأدوية مدة عام كامل، وهي كذلك غير متوافرة لدى وزارة الصحة، قائلًا: "حتى الأسبرين الذي يوصف للمرضى غير متوافر لدى وزارة الصحة".
وأضاف: "كذلك أدوية الضغط والكوليسترول التي يحتاجها مرضى القلب باستمرار غير متوافرة، رصيد الأدوية المتوافرة لدى وزارة الصحة –يا للأسف!- وصل إلى صفر".
وتابع: "أغلب المرضى يضطرون إلى توفير هذه الأدوية على حسابهم الخاص، وإن استطاعوا اشتراءها شهرًا واحدًا، في الشهر التالي لا يشترونها، وهو ما يؤثر سلبًا على حالة المرضى، وقد يؤدي إلى ضعف عضلة القلب، وإغلاق الشرايين بتخثرات دموية، نتيجة عدم تناول الأدوية التي تعمل على فتح الشرايين بعد عملية القسطرة".
ولفت حبيب إلى أنه من المضاعفات التي قد تصيب مرضى القلب نتيجة عدم تناول الأدوية حدوث جلطات حادة في القلب، وإغلاق الدعامات والشبكات التي تركب أو الشرايين التي تزرع.
وطالب بتوفير الأدوية اللازمة لمرضى القلب، خاصة أنه مرض مزمن يعانون منه طيلة حياتهم.

