شهدت الساحة السياسية والحلبة الحزبية في إسرائيل خلال الأيام الأخيرة صدور سلسلة من التصريحات المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين، سواء حول الوضع المتوتر بالضفة الغربية، أو الكارثة الحاصلة بقطاع غزة.
تزداد وتيرة الانحياز اليميني في إسرائيل أكثر فأكثر مع مرور الوقت، بما يشير إلى أننا نشهد مرحلة ما قبل الذهاب لصندوق الاقتراع، والتصويت الانتخابي، وهو عرف دأب عليه الإسرائيليون منذ سنوات طويلة، في ظل قراءتهم للنبض الإسرائيلي الذاهب نحو الخطاب اليميني العنصري.
يمكن استعراض ذلك عبر محورين مهمين، أولهما الوضع السائد في الضفة الغربية، سواء برفض أي انسحابات قادمة فيها، سواء بصورة أحادية الجانب كما حصل في غزة منذ 2005، أو من خلال مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، رغم تباعد هذه الفرصة، بسبب القطيعة السياسية القائمة بين رام الله وتل أبيب.
يرى الإسرائيليون أن النموذج السائد في قطاع غزة من حيث تراكم القوة العسكرية، وزيادة الاحتكاكات مع الجيش، عقب ذلك الانسحاب، يشكل تغذية راجعة من مغبة نقل هذه التجربة للضفة الغربية، ولئن كانت المسافة الفاصلة بين قطاع غزة والمستوطنات الجنوبية عدة مئات من الأمتار، فإن ذات المسافة بين المدن الفلسطينية في الضفة الغربية والمستوطنات الإسرائيلية لا تعدو عن صفر، فالانخراط بينهما في ذروته، والاحتكاك على مدار الساعة.
هذه القناعات تتصدر عناوين أي حملة انتخابية إسرائيلية قادمة، عنوانه عدم الانسحاب من أي مكان من الضفة الغربية تحت أي ظرف من الظروف، بل إن المزاودة الانتخابية بين الإسرائيليين وصلت مستوى سن مشروع قانون لإعادة الاستيطان في النقاط الاستيطانية الثلاث التي تم الانسحاب منها في شمال الضفة الغربية بالتزامن مع الانسحاب مع غزة.
المحور الثاني الذي يدور حوله الحديث الانتخابي الإسرائيلي هو قطاع غزة، وطبيعة المعالجة الأمنية للتوتر السائد هناك، وقد شهدنا ذروة هذه الاستقطابات الانتخابية حول غزة في السجال الذي دار بين وزير الحرب أفيغدور ليبرمان ووزير التعليم نفتالي بينيت، وصفته بعض الأوساط السياسية العقلانية بأنه سجال "صبياني"، ولا يليق بنقاش يتناول مسألة حساسة وخطيرة.
كلما مرّ الوقت، واقترب استحقاق الانتخابات في إسرائيل، سنرى كيف تتصدر غزة عناوين الأخبار، في إشارة إلى إخفاق الجيش والحكومة في كبح جماح الفلسطينيين هناك، وقدرتهم على تقييد القوة الإسرائيلية في التعامل معها، صحيح أن النقاش سيبتعد عن اتهام الجيش والمؤسسة العسكرية، باعتباره "البقرة المقدسة" التي لا يجوز الاقتراب منه، وبالتالي تكون كلفة الاتهام والانتقاد للمؤسسة السياسية والحزبية ممثلة بالحكومة الإسرائيلية.
أخيرًا.. مع اقتراب موعد ذهاب الإسرائيليين لصناديق الاقتراع في تل أبيب، سيعلو صوت الاستقطاب الإسرائيلي الداخلي، ويبقى الملف الفلسطيني عنوانا أساسيا في أي حملات انتخابية قادمة.