رأى محللان سياسيان أن الإجراءات العقابية التي أقرتها سلطة رام الله في أبريل/ نيسان 2017، أضعفت القضية الفلسطينية، والغرض منها "تركيع" أهالي قطاع غزة الذي يُعد مركز الثقل السياسي المقاوم على مر التاريخ.
وشددا في حديثين منفصلين لصحيفة "فلسطين"، على أن هذه العقوبات لم تجدِ نفعًا ولم تحقق أهدافها بتقويض ما تسميه السلطة "حكم حماس في غزة ودفعها للقبول بشروط المصالحة وفق رؤيتها السياسية"، وأشارا إلى أن تلك الإجراءات التي يؤيدها قادة بارزون في حركة فتح لها تداعيات خطيرة على الأوضاع الإنسانية في غزة.
وقال رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس رائد نعيرات: "هذه الإجراءات المرفوضة فلسطينيًا من الأحزاب والنخب ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، لن تعود على السلطة بحل، بقدر ما ستضعف القضية الفلسطينية عمليًا، وتقوي موقف الاحتلال الإسرائيلي".
ورأى أن الإجراءات مهما كانت قاسية، فلن تسهم في تحقيق المصالحة الفلسطينية وإضعاف الحكم بغزة، ولن تشكل إرباكا لحركة حماس أو عامل ضغط عليها.
وأضاف: "الحالة السياسية الفلسطينية بحاجة إلى إنهاء الخلاف الداخلي، وبدلاً من مراوحة المكان بطريقة تعقد الصراع، يتوجب التحرك لإيجاد تواؤم واتفاق وحلول وسطية بين طرفين الخصومة السياسية للخروج من الحالة الراهنة".
وإزاء المشهد السياسي الخارجي رأى نعيرات أنه بحاجة إلى قرارات ومواقف جذرية توضح للشعب الفلسطيني طبيعة المرحلة المقبلة، خاصة أنه منذ توقف المفاوضات في 2011، يعيش الشعب حالة من الركود السياسي ومراوحة المكان واللا حل".
وعدَّ هذه الإشكالات "عناوين المشهد السياسي الفلسطيني حاليًا"، مؤكدًا أنه عندما يتقاطع الحراك نحو الأسوأ في العلاقات الفلسطينية الداخلية مع الجمود في العملية السياسية والعلاقات الخارجية، "فذلك يعني أن المشهد الفلسطيني ضبابي وأفقه مسدود".
وحول انعقاد المجلس المركزي نهاية أكتوبر/ تشرين أول الجاري، أشار نعيرات إلى أن المجلس يواجه شبه إجماع سياسي حزبي من الفصائل الفلسطينية بشأن شرعيته، متسائلا عن أهمية انعقاده والقرارات التي سيتخذها.
وقال: "في عامي 2015 اتخذ المجلس المركزي سلسلة قرارات لم يُنفِّذ منها شيئا على أرض الواقع، وخاصة فيما يتعلق بالانفكاك عن الاحتلال، والمصالحة الوطنية".
وإلى جانب قرارات تعليق الاعتراف بـ(إسرائيل)، ووقف التنسيق الأمني معها، اتخذ المجلس جملة من القرارات عامي 2015 و2018 منها الانفكاك عن علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي، واستمرار العمل مع جميع دول العالم لمقاطعة المستوطنات، والعمل على نشر الأمم المتحدة قاعدةَ البيانات للشركات التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية، وتبني حركة مقاطعة دولة الاحتلال.
وشدد نعيرات على ضرورة أن يحافظ المركزي على قيمته السياسية بتنفيذ قراراته، "أما إذا عقد ليؤكد قرارات سابقة دون قرارات تنفيذية، فهذه مشكلة في المجلس المركزي بكامله".
وكان رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، أعلن أن المركزي سينعقد في 28 و29 من الشهر الجاري، مؤكدًا أنه توافق مع رئيس السلطة محمود عباس على عقد الدورة الثلاثين للمجلس بمقر الرئاسة في مدينة رام الله.
ووصف الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات، المشهد السياسي الفلسطيني بـ"الضعيف والمنشطر"، قائلا: "كل ما يجري حاليا ينعكس سلبًا على مدينة القدس بشكل أساس، حيث يشن الاحتلال حملة مستمرة عليها من اقتحامات واستيلاء على الممتلكات والمنازل المقدسية".
ورأى عبيدات أن سلطات الاحتلال تدرك أن قرارات السلطة بلا وزن أمام التشظي السياسي الفلسطيني، وانعدام الرؤية في التعامل مع إجراءاته، الأمر الذي يساعده في المضي في إجراءات تهويد القدس وتعزيز بنية الاستيطان، لافتًا إلى أن ذلك أيضا لم يكن ليحدث لولا الدعم السياسي اللامحدود من الإدارة الأمريكية، سواء بإعلان القدس عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل السفارة إليها، أو بالضغط السياسي لإنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين.
ونبه إلى أن ذهاب قيادة السلطة نحو عقوبات جديدة على قطاع غزة "عامل ضغط على حركة حماس، ومحاولة لكسر إدارة الغزيين، ولكن لن يحقق لها أي مكسب سياسي".
وكان عباس قد أطلق على منصة الأمم المتحدة نهاية الشهر الماضي التهديد والوعيد لقطاع غزة المحاصَر الذي يفرض عليه إجراءات عقابية منذ أبريل/ نيسان 2017 قائلا: "لن ولن ولن نتحمل أي مسؤولية عن القطاع من الآن فصاعدا".
وقال بشأن مساعي المصالحة: "خلال قادم الأيام سيكون آخر جولات الحوار، وسيكون لنا بعد ذلك شأن آخر".

